وقال ابن كثير رحمه الله :
«يذكر تعالى حال المشركين في الدُّنيا، وما لهم في الآخرة مِنْ العذاب والنَّكُال،
حَيثُ جعلوا للَّه أندادا، أي: أمثالاً ونُظراء. ﴿يُحِبُّونَهُمۡ
كَحُبِّ ٱللَّهِۖ﴾ [البَقَرَة: 165] ، أي: يُساوونهُم باللَّه في المحبَّة
والتَّعظيم».
وهذا الذي قاله ابن كثير رحمه الله هو اختيار شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، كما حكى اللَّه هذه التسوية عنهم في قوله: ﴿تَٱللَّهِ
إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨﴾ [الشُّعَرَاء:
97-98]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ
بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ﴾ [الأنعَام: 1] ، وقوله
تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾[البَقَرَة: 165]، أي: أشد
حبًا للَّه مِنْ أصحاب الأنداد للَّه، وقيل: أشد حبًا للَّه مِنْ أصحاب الأنداد
لأندادهم، فدلت الآية على أَنَّ مَنْ أحب شَيْئًا كحب اللَّه، فقد اتخذه ندا للَّه.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : «أنَّ مَنْ اتخذ ندًّا تساوي محبَّتهُ
مَحبَّة اللَّه، فهو الشِّرْكُ الأكبر».
وقلنا قريبًا: إِنَّ محبَّة اللَّه التي هي محبَّة العبودية يجب أَنْ تُقدم على المحبَّة التي ليست عبودية، وهي المحبَّة المشتركة، كمحبَّة الآباء والأولاد والأزواج والأموال، لأَنَّ اللَّه توعد مِنْ قدَّم هذه المحبَّة على محبَّة اللَّه، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾[التّوبَة: 24]، فتوَعَّد سبحانه مَنْ قدَّم هذه المحبوبات الثمان على محبَّة اللَّه ورسوله والأعمال التى يحبها، ولم يتوعد على مجرد حُبِّ هذه الأشياء، لأَنَّ هذا شيءٌ جبل عليه الإنسان،