فَمَنْ تقدَّم بين يدي اللَّه ورسوله، وتجرأ على اللَّه،
فنفى عنه ما أثبته لنفسه مِنْ الصفات العظيمة وما وصفه به رسول اللَّه صلى الله
عليه وسلم ، وقال: هذا الذي وصفت به نفسك ووصفك به رسولك لا يليق بك، وفيه مِنْ
النقص كذا وكذا، فأنا أُأَوَّلُهُ وَأْلغِيهَ وَآتي ببدله مِنْ تلقاء نفسي، كما
قال بعضهم:
وَكُلُّ نَصٍ أَوْهَمَ
التَّشْبِيَهَا **** أَوِّلهُ أَوْ فَوِّضْ وَرُمْ تَنْزِيْهَا
فلا أرجع إلى كتابك ولا إلى سنة نبيك في ذلك، لأَنَّ
فيها ما يوهم التشبيه، وإِنَمَّا أرجع إلى قواعد المتكلمين وأقاويل الجهمية
والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية، فهل يكون يا عباد اللَّه هذا مؤمنا باللَّه
وبكتابه وسنة رسوله؟، وهل يكون مُعَظِّمًا لربه؟، سبحانك هذا بهتان عظيم.
رابعًا: وكما أَنَّ أهل السُّنَّة والجماعة يثبتون للَّه
الصفات التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله على وجه يليق بجلاله ولا يشبهونه
بخلقه، فهم ينزهونه عن النقائص والعيوب تنزيها لا يفضي بهم إلى التعطيل بتأويل
معانيها أو تحريف ألفاظها عن مدلولها بحجة التنزيه، فمذهبهم في ذلك وسط بين طرفي
التشبيه والتعطيل، تجنبوا التعطيل في مقام التنزيه، وتجنبوا التشبيه في مقام
الإثبات.
خامسا: وطريقة أهل السُّنَّة والجماعة فيما يثبتون للَّه مِنْ الصفات وما ينفون عنه مِنْ النقص هي طريقة الكتاب والسُّنَّة، وهي الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات، كما في قوله تعالى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشّورى: 11] ، فأجمل في النفي، وهو قوله: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشّورى: 11] وفصل في الإثبات، وهو قوله: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشّورى: 11].
الصفحة 4 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد