ثمَّ
عامَّة هَذِهِ الشُّبهَات الَّتي يسَمُّونَها دَلائِلَ إنَّمَا تقَلَّدُوا
أكْثَرَها عَن طوَاغِيتَ مِنْ طَوَاغِيتِ المُشْرِكِينَ أو الصَّابِئينَ، أو بَعْض
ورَثَتِهم الَّذِينَ أُمِرُوا أنْ يكْفُرُوا بِهِمْ مِثْل فُلاَن وفُلاَن، أو
عمَّنْ قَالَ كقَوْلِهِم لتَشَابُه قلُوبِهِمْ:﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾[النساء: 65]،
****
هَذَا المَنْهَج الَّذي سَارُوا عَلَيْه مِن تَحْكِيم العُقُولِ والإِعْرَاض
عَنِ الكِتَاب والسُّنَّة تلَقَّوْه مِن طَوَاغِيتَ سَابِقِينَ أعْدَاء للرُّسُل:
إمَّا مِن اليُونَانِ، أو الفُرْس، أو مِن أيِّ جِهَة مِنْ أعْدَاءِ الرُّسُلِ.
أو أخَذُوه عَن نَاسٍ قلَّدُوا مَنْ سَبَقَ، وسَارُوا عَلَيْه مِنْ غَيْر
بَصِيرَةٍ ورَوِيَّةٍ، يأخُذُونَ كُتُبَ المَنْطِق وعَقَائِد المَنْطِق،
ويَدرُسُونَها كأنَّها قضَايَا مُسَلَّمَة، ولاَ يَرجِعُونَ إلى القُرآنِ
والسُّنَّة، بَلْ يَدْرسُونَ كَلاَمَ المَنَاطِقَة في العَقَائِد، يقُولُونَ:
هَذِهِ يقِينِيَّات وبَرَاهِين، أمَّا الكِتَاب والسُّنَّة فهِيَ ظَوَاهِر ظَنِّية
لا تدلُّ عَلَى اليَقِينِ.
عقَائِدُهُم الآنَ مبْنِيَّة عَلَى هَذَا: في مدَارِسِهِم، وجَامِعَاتِهم،
وكلُّيَّاتهم، فالشَّرُّ مَوجُود، بَلْ يَزِيدُ.
لأَنَّ الإيمَانَ ليْسَ بالدَّعْوى، وإنَّمَا الإيمَانُ حَقِيقَة.
فالإِيمَانُ: قَوْل باللِّسَانِ، واعْتِقَاد بالقَلْبِ، وعَمَل
بالجَوَارِح.
الَّذِي يقُولُ: إنَّهُ مُؤمِنٌ كَيْفَ يتَحَاكَم إلى غَيْر كِتَابِ اللهِ وسُنَّة رَسُولِه؟! لَوْ كَانَ مُؤمِنًا لتَحَاكَم إلَى كِتَابِ اللهِ وسُنَّة رَسُولِه، ففِعْلُه يخَالِفُ قَوْلَه، ويدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِه في القَلْبِ أنَّ الحُكْمَ بالكِتَابِ والسُّنَّة لَيْسَ بصَحِيحٍ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد