وكذَلِك قَولُهم فِي أحَادِيث
الصِّفَات: إنَّ مَعنَاهَا لاَ يَعلَمُه إلاَّ اللهُ، مَع أنَّ الرسول تَكلَّم
بهَذَا ابتِدَاءً، فعلَى قَولِهم تَكلَّم بكلاَم لاَ يُعرَفُ مَعنَاهُ.
وهَؤلاَءِ يظنُّون أنَّهُم اتَّبعوا قَولَه تَعالَى:﴿وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ﴾[آل عمران:
7]، فإنَّه وقَفَ كثِير مِنَ السلَف علَى قَوْلِه:﴿وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ﴾وَهُوَ
وَقْفٌ صَحِيح ([1])، لَكن
لَم يُفَرِّقُوا بيْنَ مَعنَى الكلاَم وتَفسيرِه، وبيْن التَّأوِيل الَّذِي انفَرَدَ
اللهُ تَعالَى بعلْمِه.
****
مثْلَمَا قَالُوا فِي الآيَاتِ، كذَلِك قَالُوا فِي الأحَادِيث الوَارِدَة
عنِ الرسول صلى الله عليه وسلم فِي الصِّفَات: إنَّها لاَ يُفْهَم معنَاهَا. وقَد
كذبوا فِي هَذَا.
الأحَادِيثُ تَكلَّم بهَا الرسول، فهَلْ يَتَكلَّم بشَيْء لاَ يَفْهَمُ
معنَاهُ؟!
حَيْثُ ظنُّوا أنَّ التَّأوِيلَ الَّذِي لاَ يعلَمُه إلاَّ اللهُ هُوَ معانِي هَذِهِ النُّصُوصِ، مَع أنَّ التَّأوِيلَ لَهُ معانٍ غَيْره، سيُبيِّنُها الشَّيْخُ.
([1])انظر: «تفسير الطبري» (3/ 183)، و«القرطبي» (4/ 30)، و«الدر المنثور» (2/ 153)، وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله فِي «أضواء البيان» (1/ 192): «ومما يؤيد أن الواو استثنائية لاَ عاطفة: دلالة الاستقراء فِي القرآن، أنه تَعَالَى إذا نفى عَنِ الخلق شيئًا وأثبته لنفسه، أنه لاَ يكون لَهُ فِي ذَلِكَ الإثبات شريك؛ كقوله: ﴿ قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ ﴾ [النمل: 65]، وقوله: ﴿ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ﴾ [الأعراف: 187]، وقوله: ﴿ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ ﴾ [القصص: 88]، فالمطابق لذلك أن يكون قوله: ﴿ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ ﴾ [آل عمران: 7] معناه أنه لاَ يعلمه إلاَّ هُوَ وحده، كما قاله الخَطَّابي، وقال: لو كانت الواو فِي قوله: ﴿ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ ﴾ [آل عمران: 7] للنسق لم يكن لقوله: ﴿ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ ﴾ [آل عمران: 7] فائدة، والقول بأن الوقف تامٌّ عَلَى قوله: ﴿ إِلَّا ٱللَّهُۗ ﴾، وأن قوله: ﴿ وَٱلرَّٰسِخُونَ ﴾ابتداءُ كلامٍ هُوَ قول جمهور العلماء... ا هـ.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد