وَ«الْعِبَادَةُ» أَصْلُ مَعْنَاهَا الذُّلُّ
أَيْضًا، يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ إذا كَانَ مُذَلَّلاً قَدْ وَطِئَتْهُ
الأَْقْدَامُ.
لَكِنَّ الْعِبَادَةَ
الْمَأْمُورَ بهَا تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الذُّلِّ وَمَعْنَى الْحُبِّ، فَهِيَ
تَتَضَمَّنُ غَايَةَ الذُّلِّ للهِ بغَايةِ الْمَحَبَّةِ لَهُ؛ فَإِنَّ آخِرَ
مرَاتِبِ الْحُبِّ هُوَ التَّتيمُ، وَأَوَّلُهُ «الْعَلاَقَةُ» لِتَعَلُّقِ
الْقَلْبِ بِالْمَحْبُوبِ، ثُمَّ «الصَّبَابَةُ» لاِنْصِبَابِ الْقَلْبِ إِلَيْهِ،
ثُمَّ «الْغَرَامُ» وَهُوَ الْحُبُّ اللاَّزم لِلْقَلْبِ، ثُمَّ «الْعِشْقُ»
وَآخِرُهَا «التَّتيمُ» يقَالُ: تَيْمُ اللهِ أَيْ: عَبْدُ اللهِ؛ فَالْمُتَيَّمُ
الْمُعَبَّدُ لِمَحْبُوبهِ.
****
·
معنى
العبادة:
قولُه:
«وَالْعِبَادَةُ أَصْلُ مَعْنَاهَا
الذُّلُّ»: أي: أصلُ العبادةِ في اللغةِ الذل، يُقال: طريقٌ مُعَبَّد أي:
مُذَلَّل، فالعبادةُ في اللغةِ معناها الذلُّ والخُضوع.
قولُه:
«يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ..»: هذا
التعبيرُ على ألسنةِ الناسِ اليوم، يُقال: طريقٌ مُعبَّدٌ يعني مُمهَّد، طرَقَتْه
الأقدامُ حتى تَذَلل.
قولُه:
«لَكِنَّ الْعِبَادَةَ الْمَأْمُورَ
بِهَا..»: أي: العبادةُ في الشَّرعِ غيرُ العبادةِ في اللغة، فالعبادةُ في
الشرعِ معناها الذُّلُّ لله، والخضوعُ للهِ عز وجل، والانقيادُ له والطَّاعةُ له.
قولُه:
«فَهِيَ تَتَضَمَّنُ غَايَةَ الذُّلِّ
للهِ بغَايةِ الْمَحَبَّةِ لَهُ»: فعبادةُ اللهِ جل وعلا تتضمَّنُ مَعْنيين
أساسين: غايةَ الذُّلِّ مع غايةِ الحُب، لا تكونُ ذُلًّا فقط بدونِ محبة، ولا
تكونُ محبةً فقط بدونِ ذل، فإنَّ من ذَلَّ لشيءٍ ولم يُحِبه لا يكونُ عابدًا له،
فتعريفُ العبادةِ إجمالاً أنَّها غايةُ الذلِّ مع غايةِ
الصفحة 1 / 397