وَ«تَحْرِيرُ ذَلِكَ» أَنَّ الْعَبْدَ يُرَادُ
بِهِ «الْمُعَبَّدَ» الّذِي عَبَّدَهُ اللَّهُ فَذلله وَدَبَّرَهُ وَصَرَّفَهُ،
وَبِهَذَا الاِعْتِبَارِ الْمَخْلُوقُونَ كُلُّهُمْ عِبَادُ اللهِ مِنْ
الأَْبْرَارِ وَالْفُجَّارِ
****
فليس ﴿وَمَنِ
ٱتَّبَعَكَ﴾ معطوفًا على لفظِ الجلالة،
وإنَّما هو معطوف على ضميرِ المُخاطَب في محلِّ جرٍّ في قولِه: ﴿حَسۡبُكَ ٱللَّهُ﴾،
أي: وهو حسْبُ من اتَّبعَك من المؤمنين، فكلُّكُم حسْبُكم الله.
قوله:
«وَمَنْ ظَنّ أَنّ المعْنَى حَسْبُك الله
وَالمُؤمِنُونَ مَعَهُ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا»: أي مَن فسَّر الآيةَ
بهذا فهو غالِطٌ غَلطًا فاحشًا لأنَّ الاعتمادَ على الحسْبِ وهو الكافي نوع من
أنواعِ العبودية، والعبوديةُ لا تكونُ إلا لله، فهو الحسْبُ والكافي والدليلُ على
ذلك أنَّ اللهَ قال: ﴿أَلَيۡسَ
ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ﴾:
هذا استفهامُ تقرير، فهو الكافي وحدَه ولهذا قال: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ﴾ فاللهُ هو الكافي وحدَه، فلا تخَفْ من غيرِه.
قوله:
«وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ
يُرَادُ بِهِ «الْمُعَبَّدَ» الَّذِي عَبّدَهُ اللّهُ فَذَلله وَدَبَّرَهُ
وَصَرَّفَهُ»: العبودية على قسمين:
القسم
الأول: عبودية عامة: وهى لكلِّ مَن في السَّمواتِ
والأرضِ من المؤمنين والكفار، فالكفارُ عبادٌ لله، بمعنى أنَّهم تجري عليهم
مقاديرُ اللهِ سبحانه وتعالى، وينفُذُ بهم قضاؤُه، فكلُّهم بهذا الاعتبارِ عبادٌ لله:
المؤمنُ والكافر، فالكافرُ لا يخرُجُ عن العبودية؛ فهو عبدٌ للهِ عبادةٌ قَهْرية،
قال تعالى: ﴿ءَأَنتُمۡ
أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ﴾ [الفرقان: 17]. فالذين أشركوا باللهِ وعبدُوا الملائكةَ
يقولُ اللهُ للملائكة:
الصفحة 1 / 397