وإبليسُ معترِفٌ بِهَذِهِ الْحَقِيقَة؛ وَأهلُ النَّار.
قَالَ إِبْلِيس: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ
إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ﴾ [الحجر: 36]: وقال: ﴿قَالَ
رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ [الحجر: 39]. وَقَالَ: ﴿قَالَ
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ [ص: 82] وَقَالَ: ﴿قَالَ
أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء: 62].
وأمثال هَذَا من الْخِطَابِ الَّذِي يُقِرُّ فِيهِ بِأَنَّ اللهَ ربَّه وخالِقَه
وخالِقَ غَيرِه؛
****
·
الإقرارُ
بتوحيدِ الربوبيةِ يشتركُ فيه المؤمنُ والكافر:
«وهي: «الحقيقةُ الكَونية»
التي يَشتَرِكُ فيها وفى شُهُودِها ومَعْرفتِها المؤمنُ والكافر..»: أي: إنَّ
توحيدَ الربوبيةِ لا يجْحَدُه أَحَد، وإنْ جَحَده أحدٌ في الظاهرِ فإنَّه معتَرِفٌ
به في الباطن، كفِرعونَ الذي قال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾
[النازعات: 24]، ولكنَّه في الباطنِ مُقِرٌّ به، وإنَّما جَحَدَه من بابِ
المُكَابَرة والعِناد؛ ولهذا قال له موسى - عليه الصلاةُ والسلام - ﴿قَالَ لَقَدۡ
عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا﴾ [الإسراء: 102]، رَدَّ عليه موسى عليه السلام ُ بهذا
الرد، أنَّه يعلمُ في قلبِه وقَرارةِ نفسِه أنَّ هذه الآياتِ التِّسعِ التي أعطاها
اللهُ لموسى من اللهِ عز وجل هو الذي أنزلَها، ولكنَّ المكابرةَ والعِنادَ حملَتْه
على الجُحُودِ والعياذُ بالله.
«وإبليسُ معترِفٌ بهذه الحقيقة؛
وأهلُ النار»: فإبليسُ معترِفٌ بتوحيدِ الرُّبوبية، وقد قال:
﴿رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ [الحجر: 39]، وقال: ﴿رَبِّ
فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ﴾
[الحجر: 36] دعا ربَّه أنْ يُؤخِّرَ حياتَه إلى يومِ القيامةِ لكي يُضِلَّ بني
آدم،
الصفحة 1 / 397