الأشْيَاء وأسْبَابُها
****
فَإِن الله قدر
الأَشْيَاء بأسبابها كَمَا قدر السَّعَادَة والشقاوة بأسبابها
****
قَولُه: «فَإنَّ اللهَ قَدَّر الأشْياءَ بِأسبَابِها»، فَلكُلِّ شَيءٍ سَبب،
فَللسَّعَادة وَدُخولِ الجَنَّة أسَباب، قَال تَعَالى: ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [النحل: 32]، فالعَمَل سَببٌ لِدخُول الجَنَّة، وَدُون
عَمل فَلا، قَال تَعَالى: ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا
يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ
وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ﴾
[البقرة: 214]، وقَال: ﴿أَمۡ
حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾
[آل عمران: 142].
فَلاَ
بُدَّ مِن الأسْبَاب، فَلَن تَدخُل الجَنَّة دُون سَبَب، والسَّببُ هُو العَملُ
الصَّالحُ، وَكذا دُخولُ النَّار لَه أَسبَاب وَهِي الكُفرُ والمَعَاصي، فَإنكَار
الأسْبَاب مُغالَطة وَجَهل، وَإن كَانُوا يَظنُّون أنَّهم بَلَغوا القِمَّة فِي
العِلمِ والمَعرِفَة، وَأنَّ الأسْباب إِنَّما هِي للذينَ لَيس عِندَهُم يَقينٌ
وَليسَ عِندَهم اعْتمَاد عَلى اللهِ عز وجل.
فاللهُ
أمَرَ باتِّخاذ الأسْبَاب، قَالَ تعَالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ
وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ﴾
[الأنفال: 60]، فَهذَا سَببٌ للنَّصرِ، وَقَال: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ﴾ [هود: 123]، فالتَّوكُّلُ سَببٌ مِن الأسْبَاب.
وَكذلِك
قَال: ﴿هُوَ ٱلَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن
رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ﴾
[الملك: 15]، أي: ابُذلوا الأسْبَاب لطَلَب الرِّزق، فَلا تَجلِس وتَقول: يأتِيني
الرِّزق وأنَا جَالسٌ، وتُعطِّل الأْسباب.
الصفحة 1 / 397