×
شرح كتاب العبودية

·       بيان دين الصوفية:

الصُّوفيَّةُ أَقْرَبُ النَّاس إلى النَّصارى، ولذلك قال أهل العلم: إنَّ الصُّوفيَّة دبَّت إلى المسلمين من النَّصارى، وَبَعْضُهُم يقول: إنَّها دبَّت من بَرَاهِمَةِ الهِنْدِ؛ حيث إنَّ الهُنُودَ عِنْدَهُم تَقَشُّفٌ وَزُهْدٌ.

وعلى كلِّ حَالٍ فإنَّ الصُّوفيَّةَ أَصْلُهَا ضَلالٌ؛ لأنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا شَرَعَهُ الله سبحانه وتعالى أيًّا كان مَصْدَرُهَا؛ سواء مِنْ بَرَاهِمَةِ الهند، أو مِنْ رَهْبَانِيَّةِ النَّصارَى؛ فَهِيَ ضَلالٌ وَبُعْدٌ عن الله سبحانه وتعالى فليست متلقَّاة من دِينِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، ولا مِنْ شَرِيعَةِ الله سبحانه وتعالى وإنَّمَا يَعْتَمِدُونَ على المتشابه من الأدلَّة، والمتشابه لا يَجُوزُ العَمَلُ به حتَّى يُرَدَّ إلى ما يوضِّحه ويفسِّره من المُحْكَمِ؛ بِخِلافِ طريقة أهل الزَّيغ؛ قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ [آل عمران: 7].

قيل: إنَّ الوقوف يَكُونُ على لفظ الجلالة: ﴿وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ إذا أُرِيدَ بتأويله كيفيَّته وما يَؤُولُ إليه في المستقبل؛ فهذا لا يَعْلَمُهُ إلاَّ الله. وقيل: إنَّ الوُقُوفَ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ إذا أُرِيدَ بالتَّأْوِيلِ التَّفْسِيرُ؛ فإنَّ المُتَشَابِهَ يُفَسَّرُ بالمُحْكَمِ، وهذه طريقة الرَّاسخين في العلم؛ أنَّهم يردُّون المتشابه إلى المُحْكَمِ، ويفسِّرونه به، ولهذا سمَّى اللهُ المُحْكَمَ أمَّ الكِتَابِ، وأمُّ الشَّيْءِ ما يَرْجِعُ إليه؛ أي: هو: الأصل الَّذي يُرْجَعُ إليه بِشَيْءٍ، فيُرَدُّ المتشابه إلى المحكم ويفسِّره ويوضِّحه؛


الشرح