وهو خَفِيٌّ كالنَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ عَلَى
الصَّفَاةِ السَّوْدَاءِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيل، والشِّرْكُ الخَفِيُّ ليس سَهْلاً؛
فَهُوَ يُحْبِطُ العَمَلَ. فإذا خَالَطَ الرِّيَاءُ والسُّمْعَةُ عَمَلَنا الَّذي
نَعْمَلُهُ، فإنَّه يُصْبِحُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَلِهَذَا تَخَوَّفَ مِنْهُ
الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم على أَصْحَابِهِ.
·
ما يمتنع
به المسلم من هذا الشرك:
وأبو
بكر أَفْضَلُ الصَّحابة، وَأَفْضَلُ الأمَّة، ومع هذا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ من
الشِّرك الخَفِيِّ لَمَّا سَمِعَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم يُحَذِّرُ مِنْهُ،
فَقَالَ: يا رَسُولَ الله، كيف نَنْجُو مِنْهُ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ
النَّمْلِ؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلا أعَلَّمُكَ كَلِمَةً إِذَا قُلْتَهَا نَجَوْتَ مَنْ دِقِّهِ
وَجِلِّهِ؟ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ،
وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ»؛ فَتَدْعُو الله أن يُعَافِيَكَ منه،
والله قَرِيبٌ مُجِيبٌ؛ فَعِنْدَمَا تَقُولُ هَذِهِ الكلمة بِصِدْقٍ وَإِخْلاصٍ
وَحُضُورِ قَلْبٍ، يُعَافِيكَ اللهُ منه.
وَعُمَرُ
يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الشِّرْكِ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا»: يَعْنِي: صَوَابًا
على السُّنَّة. «وَاجْعَلُهُ لِوَجْهِكَ
خَالِصًا»: أي: سالمًا من الشِّرْكِ، «وَلاَ
تَجْعَلْ لأَِحَدِ فِيهِ شَيْئًا».
·
الحذر من
وسوسة الشيطان:
يأتي
الشَّيْطَانُ إلى بعض الشَّباب - وهذا شيء سُئلنا عنه كثيرًا - ويقول له: لا
تُصَلِّ مع الجماعة حتَّى لا تصاب بالرِّياء، لا تقم وتصلِّي باللَّيل حتَّى لا
تُصَابَ بالرِّيَاءِ، لا تَعْمَلْ كَذَا خَوْفًا من الرِّياء، وهذا لا يُلْتَفَتُ
إليه؛ فالمسلم يعمل الأَعْمَالَ الصَّالحة، وَيَسْأَلُ الله السَّلامة من