فالقَلْبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَنِيفًا مُقْبِلاً
على الله مُعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ، وَإِلاَّ كَانَ مُشْرِكًا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَقِمۡ
وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ
عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ
وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الروم: 30]...
إلى قوله: ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا
لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [الروم: 32]،
****
وعبوديَّة
الله شَرَفٌ للإنسان، وهي الحرِّيَّة الحقيقيَّة، وأمَّا عبوديَّة الإنسان لغير
الله، فهي مَذَلَّةٌ، وَمَهَانَةٌ، وَرِقٌّ لِغَيْرِ الله عز وجل فَلا يُحَرِّرُ
العَبْدَ من الهَوَى، ومن الشَّهوات، لا يحرِّرها من عبوديَّتها إلاَّ أن يكون
عَبْدًا لله سبحانه وتعالى.
لا
يَكُونُ القَلْبُ مُخْلِصًا إلاَّ إذا أَقْبَلَ على الله وَأَعْرَضَ عَمَّا
سِوَاهُ:
قوله:
«فَالْقَلْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنِيفًا
مُقْبِلاً عَلَى الله مُعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ وَإِلاَّ كَانَ مُشْرِكًا»:
الحَنِيفُ مَعْنَاهُ المُقْبِلُ عَلَى الله، المُعْرِضُ عمَّا سِوَاهُ؛ قَالَ
تَعَالَى: ﴿إِنَّ
إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا﴾
[النحل: 120]؛ فإبراهيم عليه السلام كان مُقْبلاً على الله بِجَمِيعِ قَلْبِهِ
وَعَمَلِهِ واتِّجَاهِهِ، مُعْرِضًا عمَّا سِوَاهُ، والحنيفيَّة: مِلَّةُ
إِبْرَاهِيمَ عليه السلام هي الإِقْبَالُ على الله، وَالإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَاهُ.
فإذا لم يَكُنْ مُقْبِلاً على الله، مُعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ، وَقَعَ في الشِّرْكِ بلا شَكٍّ؛ لأنَّه عَبْدٌ ولا بُدَّ؛ فإمَّا أن يَكُونَ عَبْدًا لله، وإمَّا أن يكون عَبْدًا لِغَيْرِ الله، فَلَيْسَ هناك أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ ليس عَبْدًا، بل كُلُّ مَنْ في السَّماوات والأرض عَبِيدٌ.
الصفحة 1 / 397