واحتجَاجُ بَعضِهم على ذَلِك بقولِه: ﴿قُلِ
ٱللَّهُۖ ثُمَّ ذَرۡهُمۡ فِي خَوۡضِهِمۡ يَلۡعَبُونَ﴾ [الأنعام: 91]،
مِنْ أَبيَنِ غَلَطِ هَؤُلاَءِ، فَإِنَّ الاِسْم هُو مَذْكُورٌ فِي الأَْمرِ
بِجَوَابِ الاِسْتِفْهَام. وَهُوَ قَوْلُه: ﴿قُلۡ
مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورٗا وَهُدٗى لِّلنَّاسِۖ﴾ إلى قوله ﴿قُلِ
ٱللَّهُۖ﴾ [الأنعام: 91]، أَي اللهُ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى، فالاسْمُ مُبْتَدأٌ وَخَبرُه قدْ دلَّ
عَلَيْهِ الاِسْتِفْهَامُ، كَمَا فِي نَظَائِر ذَلِك؛ تَقول: مَن جَارُهُ.
فَيَقُول: زَيدٌ.
****
تقولَ: محمدٌ رسولُ اللهِ. فتأتي بجملَةٍ
مفيدةٍ، أمَّا إذا قلت: الله الله. أو ما أشبَهَ ذلك، فهذا ليس ذِكرًا وليسَ
كلاَمًا، بل هو هَذَيانِ ليسَ فيهِ فائدةٌ، ولغةُ العَرَبِ إنَّما جاءَتْ
بالجُمَلِ المفيدةِ، جملةٌ اسميَّةٌ مثل: «الله
لا إله إلا هو»، أو جملةٌ فعليَّةٌ مثلُ: «تَعالى اللهُ، سُبحان اللهِ». فلا بد أن يكونَ الذِّكْرُ جملةً مفيدةً،
وأمَّا الاسمُ المفردُ أو الضَّميرُ المفردُ، فهذا لا يُفيد شيئًا، وليسَ
ذِكْرًا للهِ عز وجل لأَمريْنِ:
أَولاً:
أنَّ هذا لمْ يأتِ في الكتابِ والسُّنَّةِ.
وثانيًا:
أنّ هذا لا يُفيدُ شَيئًا، وليسَ كَلامًا عَرَبِيًّا.
شبهُهم والرَّدُّ عليْهَا:
استدلاَلُهم
بقولِه: ﴿قُلِ
ٱللَّهُۖ﴾، نقولُ: هذا جَوابُ سؤالٍ
سابقٍ، هو: ﴿مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ
ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ﴾؛
والجواب: ﴿قُلِ ٱللَّهُۖ﴾: أي اللهُ هو أنزلَ الكتابَ الذي جاء به مُوسى، والحذفُ
والتقديرُ جارٍ في كلام العرب.
الصفحة 1 / 397