أمَّا ما في الجنة فإنه صاف وسالم من كل ما ينغصه، ومن كل ما يغيره، ومن كل
ما يكدره، فهذه الجنة التي هذه بعض أوصافها، وما أخفى الله منها أعظم وأعظم، ولا
يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ،
وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» ([1])، قال الله جل وعلا:﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ
أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾[السجدة: 17]،
ولاحظوا قوله تعالى:﴿بِمَا كَانُواْ
يَعۡمَلُونَ ﴾، إنهم لم يحصلوا على هذا النعيم وهذا السرور إلا العمل
الصالح، فالجنة لا تنال بالكسل ولا بالتمني، وإنما تنال بالجد والاجتهاد والعمل
الصالح، فإن الله سبحانه وتعالى جعلها للطيبين:﴿سَلَٰمٌ
عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ﴾[الزمر: 73]،﴿ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ
تَعۡمَلُونَ﴾[النحل: 32]، فالجنة طيبة، وهي دار الطيبين - أصل
الأعمال الصالحة - الذين استفادوا من حياتهم في هذه الدنيا، واستعدوا لآخرتهم،
وقدموا الأعمال الصالحة، وتابوا إلى الله من الذنوب والسيئات، فخرجوا من هذه
الدنيا بأعمال صالحة وبتوبةٍ صادقةٍ، هؤلاء هم أهل الجنة.
أمَّا من تكاسل وتباطأ وتمنَّى على الله الأماني، فإن هذا لا يحصل على شيء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» ([2])، من بطأ به عمله، يعني: تأخر به عمله، ولم يكن معه عمل يقدمه إلى الجنة، لم يسرع به نسبه، فأنه من قبيلة كذا وكذا، وأنه من قريش ومن بني هاشم، وأنه من أشرف العرب، هذا لا ينفع عند الله؛
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3244)، ومسلم رقم (2824).