الطيبات «فعمدوا إلى بعض الزروع وبعض الأنعام فعزلوها لآلهتهم فقالوا: هذه
الأنعام وهذه الثمار محرمة عليهم لا يطعمونها وعمدوا إلى أنعام فجعلوا ظهورها
حرامًا ركوبها كما عمدوا إلى أنعام فقالوا: هذه لا يذكر اسم الله عليها عند ذبحها.
لقد استطردوا في أوهام التصورات والتصرفات النابعة من انحرافات الشرك
والوثنية ومن ترك أمر التحليل والتحريم للرجال مع الادعاء بأن ما يشرعه الرجال هو
الذي شرعه الله واستطردوا في هذه الأوهام فقالوا: عن الأجنة التي في بطون بعض
الأنعام إنها خالصة للذكور منهم حين تنتج محرمة على الإناث إلا أن تكون ميتة
فيشارك فيها الإناث الذكور.
هكذا بلا سبب ولا دليل ولا تعليل إلا أهواء الرجال التي يصوغون منها دينًا
غامضًا ملتبسًا في الإفهام»([1]).
أما منهاج الإسلام فيما يحل ويحرم من الأطعمة فهو المنهاج الحكيم الذي يدور على دفع المضار وجلب المصالح فيما يحلل ويحرم وينعى على الجاهلية انحرافها عن ذلك المنهاج: {قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۚ} [الأنعَام: 145]. {وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ} [الأنعَام: 119]. {قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ} [الأنعَام: 150]. { قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ} [الأنعَام: 151].
([1])المقنع لابن قدامة بحاشيته ص(525) ج(3) و انظر: الشرح الصغير للدردير ص(182 - 183) ج(2).