ولَكن هُناكَ أفْعَالٌ تَحسِبونَها أنْتُمْ
مُوالاة وَليسَت مُوَالاة؛ مِثلَ البَيعِ وَالشِّراءِ مَع الكُفَّار ومثلَ
الإهْداءِ إِلى الكُفارِ، وَقبولِ الهدِيَّة مِن الكُفارِ... هَذهِ جَائِزةٌ
وَليستْ مِن المُوالاةِ، بَل هَذهِ مِن المُعامَلاتِ الدُّنيَويَّةِ وتَبادُل
المَصالِح؛ مِثل اسْتئجَار الكَافر لِعملٍ، هَذهِ مِن تَبادلِ المَصالحِ.
الرَّسُول صلى الله عليه وسلم اسْتأجَر عَبدَ اللهِ بْن
أُرَيقِط اللَّيثِي لِيدُلَّه عَلى طَريقِ الهِجرَة وَهُو كَافرٌ لأِجلِ أن
يَستَعينَ بِخبرَتهِ فِي الطَّريقِ، فَيجُوز ذَلكَ.
ويَجُوز لِلمسلِم أنْ يُؤجِّر نَفسَه لِلقيامِ بِعملٍ
للكَافرِ إذا احْتاجَ؛ لأنَّ هَذا مِن بَاب تَبادُل المَنافِعِ، لَيسَ مِن بَاب
تَبادُل المَحبَّة والمَودَّة، حَتَّى الوَالدُ الكَافِر يَجبُ عَلى وَلدهِ أَن
يَبرَّ بِه وَهذا لَيس مِن بَاب المَحَبَّة.
قَال تَعالَى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ
أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ
فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ
جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ
عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ
هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾
[المجادلة: 22]. ولَكن يَبرُّ بِه ويُحسنُ إليهِ، هَذا مِن الإحْسانِ الدُّنيوِي،
وَهنَاك أشْياءُ مِن التَّعامُلات مَع الكُفَّار، وَكذلِك الهُدنَة وَالعَهدُ
وَالأمَانُ مَع الكُفَّار كُل هَذا يَجري وَليسَ هُو مِن المُوالاةِ.
هُنَاك أشْياءُ يَظنُّها بَعضُ الجُّهال أنَّها مُوالاةٌ، وَهي لَيستْ مُوالاة، وَهناكَ المُدارَاةُ إِذا كَان عَلى المُسلمينَ خَطرٌ، وَدَارَؤا الكُفارَ فِي دَفع الخَطرِ فَهذَا لَيسَ مِن المُوالاةِ، وَليسَ هُو مِن المُداهَنةِ، هَذهِ مُدارَاةٌ. وَهُناكَ فَرقٌ بَين المُدارَاة وَبينَ المُداهنَةِ، المُداهَنةُ لاَ تَجوزُ لَكنَّ المُدارَاةَ إِذا كَان عَلى المُسلِمينَ خَطرٌ يَحصُل بمُدَاراةِ الكُفَّار يُدفَع هَذا الخَطرُ، وَهذا لَيسَ مِن المُوالاةِ.