﴿وَيۡلَكُمۡ
ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ
إِلَّا ٱلصَّٰبِرُونَ﴾ [القصص:
80].
ثمَّ
تبيَّن وتمحَّض رأي أهل العلم، وأنَّ هَذَا البَرِيقَ الَّذي كان مع قارون
سَرْعانَ مَا زَالَ واضْمَحَلَّ، وكم لأهل العلم من موقف في الدِّفاع عن هذا
الدِّين وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفقهه الجهال، فمثلاً ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم في قصَّة الرَّجل الجبار الَّذي قَتَلَ تِسْعا وَتِسْعينَ
نَفْسًا ثمَّ إنَّ اللهَ أَلْقَى فِي قَلْبِهِ النَّدَمَ، وأراد أن يتوب، ولكنَّه
استعظم ذنبه وخشي ألا تقبل توبته، فسأل عمَّن يُفْتِيهِ هَلْ لَهُ تَوْبَةٌ ممَّا
فعل من الجرائم الكبيرة؟
فدلَّ
على عابد مجتهد في العبادة، لكنَّه جاهل ليس عنده من العلم شيء، فسأله أنَّه قتل
تسعا وتسعين نفسًا فهل له من توبة؟ فاستعظم هذا الذَّنْبَ وَظَنَّ أَنَّ رحمة الله
لا تَسَع هذا الذَّنْبَ، وأنَّ الله لا يَقْبَلُ هذه التَّوبة؛ لأنَّه جهل صفات
الله عز وجل وسعة رحمته، وجهل سعة توبة الله على عباده وفرحه بتوبة عبده، فقال ذلك
الجاهل: ليس لك توبة. فَقَتَلَهُ الظَّالم فكمل به المائة.
هذه
نتيجة الجهل، ثمَّ سَأَلَ هَلْ مِنْ عالِمٍ يُفْتِيهِ؟ فَدلَّ على عالم، فَذَهَبَ
إِلَيْهِ، وقال له: إنَّه قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فهل له مِنْ تَوْبَةٍ؟ قال
العالم: نَعمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبة؟ لأنَّ العالم يعلم
سعة رحمة الله وفضله وإحسانه، وأنَّ الله يَقْبَلُ التَّوْبَةَ من عباده، كما قال
تعالى: ﴿۞قُلۡ
يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن
رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ
ٱلرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
وقال
تعالى: ﴿قُل
لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]. والتَّوْبَةُ تَجُبُّ ما قبلها، فهذا
العالم استطاع بما آتاه