والثاني: العدلُ، ويريدون به نفيَ
القضاءِ والقدر؛ لأنهم يقولون: إثباتُ القضاءِ والقدر يلزم عليه الجور والظلم في
حق الله تعالى، حيث يعذِّبُ عبادَه على شيءٍ قدَّره عليهم.
والثالثُ: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ
عن المنكر، ويريدون به الخروجَ على وُلاةِ الأمور، فالذي يخرجُ على الولاة، هذا هو
الذي يأمرُ بالمعروف وينهى عن المنكر عندهم.
والرابعُ: المنزلةُ بين المنزلتين،
وهذه هي التي خالفوا واعتزَلوا من أجلِها مجلسَ الحسن، لما سُئِل الحسنُ رحمه الله
عن حكم مُرتكِبِ الكبيرة، أجاب بما عليه أهلُ السنة والجماعة، قال: «هو مؤمنٌ ناقصُ الإيمان»، فلا يُكَفَّر
كما تُكَفِّره الخوارج، ولا يُوصَف بالإيمانِ الكامل؛ كما تقولُه المُرْجِئة، بل
هو مؤمنٌ ناقصُ الإيمان، فهو مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه.
فلما أجابَ الحسنُ بهذا الجواب، وكان واصلُ بنُ عطاءٍ
تلميذًا له، قال: أنا أقول: إنه لا مؤمن ولا كافر، بل هو في المنزلة بين
المنزلتين، يخرجُ من الإيمانِ ولكنه لا يدخل في الكفر، فهو في المنزلة بين
المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، فإن مات ولم يتُب فإنه يكون خالدًا في النار؛ كما
تقولُه الخوارج، فأحدثوا القول بالمنزلة بين المنزلتين وعُرفوا بذلك.
والخامس: إنفاذُ الوعيد، ويريدون به أنَّ النارَ لا يخرجُ منها مَن دخلها، فأوجبوا خُلُودَ مرتكبِ الكبيرةِ من أهل القِبْلة في النار، وقالوا: مَنِ اسْتحق العذابَ لا يستحقُّ الثواب.
الصفحة 1 / 27