النَّقل، ويقولون: «إن
العقل لا يخطئ، بخلاف النقل فقد يدخله شيء من ضعف السَّند والرُّواة... إلى آخره»،
ويشككون فيها، وبنَوا عقائدهم على عِلم الكلام.
ودخل هذا على بعض أتباع المذاهب الأربعة، فتجد الذي
ينتسب إلى مذهب الشافعي -مثلاً- شافعيًّا في الفقه، ولكنه عَقْلي في العقيدة على
خلاف مذهب الشافعي فيها، حتى يقول قائلهم «عن
نفسه»: «إنه شافعي مذهبًا، نقشبندي
مُعتَقَدًا»؛ فهو شافعي في علم الفقه، ولكن في العقيدة نقشبندي أو عَقْلاني،
وانتشر هذا فيهم حتى خالفوا عقائد أئمتهم، وأخذوا عقائد المتأخرين، وصاروا مشكلين
مثل الخنثى المشكل الذي لا يدري هل هو ذكر أم أنثى؟ فهذه آفة دخلت على المسلمين،
فبُنِيت بسببها المشاهد على القبور، وتعلَّقت القلوب بالمشاهد إلا مَن شاء الله،
وهُجِرت المساجد.
ولما استولى الفاطميون -وهم الشيعة الباطنية- على مصر وعلى غالب البلاد، وفشت الطرق الصوفية، بنَوا القِباب على القبور وشيَّدوها؛ فتغيرت العقيدة عند كثير من الناس، وصار الإسلام اسمًا لا حقيقة -إلا مَن رحم الله-، ولكن الله قيَّض أئمة مُجدِّدين، يدعون إلى مذهب السلف، ويُبيِّنون ما في مذاهب الخلف من النقص والمُخالَفة، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القَيِّم، وجماعة من المُحدِّثين السلفيين، وهؤلاء مُجدِّدون؛ لأن الله يبعث لهذه الأمة على كل رأس مائة سنة مَن يُجدِّد لها دينها؛ كما في الحديث ([1]).
([1]) أخرجه: أبو داود (4291)، والحاكم رقم (8592).