لأن الوسطية والاعتدال
يستمر معها الإنسان، ويرتاح معها، أما التشدد، فإنه يشق على الإنسان، ثم يصعب،
يترك المضي في العبادة؛ لأنه بشر لا يستطيع أن يصمد أمام المشقة الطويلة، المطلوب
من المسلم الاستمرار على العبادة، وفي الحديث: «وَإِنَّ أَحَبَّ الأَْعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عز وجل أَدْوَمُهُ، وَإِنْ
قَلَّ» ([1])، والرسول صلى الله
عليه وسلم وصف المتشدِّد الغالي في العبادة بالمنبت الذي قطع في أثناء السفر، حمل
على راحلته، وشدَّد عليها في السير، حتى انقطعت، فبقي في منتصف الطريق، أو في أول
الطريق، فهو لا ظهرًا أبقى، ولا مسافة قطع، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ
فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللهِ، فَإِنَّ
الْمُنْبَتَّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ، وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى» ([2])، فهذه صفة المتشدد
في الدين، هذا من ناحية، هذا محظور عظيم.
والمحظور الثاني أشد، وهو أنه إذا فتح لنفسه هذا الباب، وعمل عملاً ليس عليه هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يجره إلى الإلحاد في دين الله؛ كما حصل لمتأخري الصوفية، فإن تصوفهم آل بهم إلى الإلحاد؛ كما ستسمعون الآن من طريقتهم، آل بهم إلى الإلحاد، حتى قالوا: إن الولي خير من النبي، وهل هناك أفضل من الرسول والأنبياء عليهم السلام ؟ هم يقولون: لا، إن الأولياء أفضل. مَن يعنون بالأولياء؟ يعنون: الصوفية، ويقولون: إنهم أفضل من الأنبياء. لماذا؟ لأنهم يأخذون عن الله
([1]) أخرجه: مسلم رقم (782)، وأبو داود رقم (1368).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد