﴿أَلَمۡ
تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ذَٰلِكَ
فِي كِتَٰبٍۚ﴾ [الحج: 70]؛ ﴿يَعۡلَمُ مَا
فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾
[الحج: 70] هذه مُرَتَّبَة الْعِلْم﴿إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَٰبٍۚ﴾
[الحج: 70] وهذه مُرَتَّبَةُ الْكِتَابَةِ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ
عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ﴾
[الحج: 70]، فهذه مَرَاتِبُ الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر.
ثُمّ إنَّه بعد الإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ
وَإِثْبَاتِه كما جَاء فلا يَنْبَغِي تَرَكُ الْعَمَلِ بِحُجَّة أن كلَّ شَيْءٍ
مُقَدَّرٌ وَيَكْفِي التَّسْلِيمُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر، وَبَحُجَّةِ أنَّ
دُخُولَ الْجَنَّةِ والنارِ مُقَدَّرٌ منه سبحانه وتعالى ولا فَائِدَةَ من الْعَمَل
! هذا كَلاَمٌ بَاطِل؛ لأنَّ الإِْنْسَانَ مَأْمُورٌ بِالْعَمَل؛ إذ دُخُولُ
الْجَنَّةِ لا يكونُ إلاَّ بِالْعَمَلِ لَهَا، ولا يُمْكِنُ دُخُولُ النَّارِ
إلاَّ بِسَبَب، و اللهُ لا يُعَذَّبُ على الْقَضَاءِ وَالْقَدَر، وإنَّما يُعَذَّب
على الأَْعْمَال، ولا يَنْعَمُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر وإنَّما بِالأَْعْمَال؛
قال تعالى: ﴿مَّنۡ
عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ
بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾
[فَصَلَّت: 46]؛ فَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ لا يَتَعَلَّقَان بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر،
وإنَّما يَتَعَلَّقَان بِأَفْعَالِ الْعِبَاد.
وَلَهَذَا لمَّا أَخْبَر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَة أن كلَّ إنْسَانٍ مُقَدَّرٌ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، قالوا: يا رَسُولَ الله، فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ» ثُمَّ قَرَأَ الآْيَة ([1])﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦﴾ [اللَّيْل: 5 - 6]. يعني: الْجَنَّة. ﴿فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ﴾
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1296)، ومسلم رقم (2647).