×
شرح أصول الإيمان

قال رضي الله عنه ذلك بعدما قال له عُمَر رضي الله عنه: كَيْف تُقَاتِلُ النَّاسَ وقد قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أُمرتُ أن أُقاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لا إلَه إلاَّ اللَّه، فمَن قالها عَصَم مِنِّي مَالَه ونفسَه إلاَّ بحقِّه وحسابُه على اللَّه» فقال رضي الله عنه: إنَّ الزَّكاةَ حقُّ الْمَال، والله لو مَنَعُونِي عَناقًا كانوا يؤدُّونها إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لقاتلتُهم على مَنْعِها. فقال عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاَللَّه ما هو إلاَّ أنْ قد شَرْح اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْت أنَّه الحقُّ ([1]).

فَكَان في ذلك الخيرُ والمصلحةُ لِلإِْسْلاَم وَالْمُسْلِمَيْن؛ لأَنَّه رضي الله عنه لو تَركَهِم على ما هُم عَلَيْه لَحَصَلَ في الإسلامِ نقصٌ كَبِيرٌ ولتَركتْ كلُّ طائفةٍ من النَّاسِ ركنًا من أَرْكَانِ الإسلام.

فَالْحَزْمُ كان شِيمَة أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رضي الله عنه في هذا الأَمْرِ الْخَطِير، مستدلًّا بِهَذِه الْكَلِمَةِ النَّبَوِيَّةِ الْعَظِيمَة «إلاَّ بحقِّها» أَي: حَقُّ لا إلَه إلاَّ اللَّه، والصَّلاةُ من حَقِّ لا إلَه إلاَّ اللَّه، وكذا الزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ، فَلَيْسَت «لا إلَه إلاَّ الله» مجرَّدَ لَفْظ، وَالتَّوْحِيدُ الذي هو إفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ هو صَمِيم لا إلَه إلاَّ اللَّه، فمَن كان يَقُولُهَا وهو يُشْرِكُ بِاَللَّهِ فَإِنَّهَا لا تَنْفَعُه، ولا يُعصَمُ دمُه ولا مالُه بل يُقاتَل ولو كان يَقُولُهَا؛ لأنَّ هذا من التَّنَاقُض، فَكَيْف يَقُولُهَا ويدعو غيرَ اللَّه، كأن يقول مثلاً: يا عليّ، يا حُسَيْن، يا بدويّ، فكلُّ هذا وَنَحْوه من الشَّرك؛ لأَنَّه قَال: «لا إلَه إلاَّ الله» ولم يَعْمَلْ بِمُقْتَضَاهَا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1335)، ومسلم رقم (20).