لَقَد سَاق الْمُصَنِّفُ رحمه الله ُ هذه الآْيَة
لأَنَّه جَاء في تَرْجَمَة الْبَاب النَّهْي عن التفرُّقِ وَالاِخْتِلاَف؛
وَالدَّلِيلُ على ذلك قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ
شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾
[الأنعام: 159].
والدِّينُ وَاحِدٌ وهو ما جَاء به الرَّسولُ صلى الله
عليه وسلم، وما خَالَفَه فليس بِدينٍ وَإِن زَعَم أَصْحَابُه أنَّه من الدِّين،
والتفرُّقُ يُحدِثُ الشِّقاقَ وَالْبَغْضَاءَ وكثرةَ الأَْهْوَاء وقد يُحدِثُ
القتالَ وسَفْكَ الدِّمَاء، وقد يُخِلُّ بِالأَْمْن، فَلاَبُّد من الاتِّفاقِ على
ما جَاء به الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم؛ قال تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا
تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103].
وَقَال: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ
مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]؛ فقد ذكر اللهُ تعالى عن أَهْلِ
الْكِتَابِ أَنَّهُم لمَّا تفرَّقوا هَلَكُوا؛ فالتفرُّقُ لا خَيْر فِيْه!
ومن الْمَعْلُومِ أنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُون في
الاِجْتِهَادِ وَالآْرَاءِ وَالْفِقْه، وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ عَرضُ أَقْوَالِهِم
وَاجْتِهَادَاتِهم وَآرَائِهِم على كتابِ اللهِ تعالى لِيَجْتَمِعَ المتفرِّقون.
قَال اللهُ جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ
وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي
شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ
ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾
[النِّسَاء: 59]. فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ﴾
أَي: إلى كِتَاب الله و ﴿وَٱلرَّسُولِ﴾ فِي حَيَاتِه عليه الصلاة والسلام يُرَدُّ إلَيْه، وَبعْد
مَوْتِه إلى سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم؛ فَالْخِلاَفُ يُحسَم وَالنِّزَاعُ
يُنهَى وذلك بالرُّجوعِ إلى كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه
وسلم.
وَقَد كان الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم يَخْتَلِفُون في بَعْضِ الأُْمُور،