يَد الْبَعْض الآَخَر وَتَرَكُوا الْعُلَمَاء، ففي هذا
خَطَرٌ شَدِيدٌ، وهو الذي حذَّر منه ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، بل حذَّر منه
الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فَقَوْل ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «إِذَا كَثُرَ قُرَّاؤُكُمْ». دلَّ على
أن كَثْرَة الْقِرَاءَة والقُرَّاء دون فقهٍ لا يُفِيد شيئًا.
وقَوْلُه: «وَقَلَّ فُقَهَاؤُكُمْ» هذه هي الآْفَة، وهي قِلَّة وُجُود
الْفُقَهَاء أو انْعدامُهم.
وقَوْلُه: «وَكَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ وَقَلَّ أُمَنَاؤُكُمْ» حيث يَفْشُو
الْمَال في آخِر الزَّمَان وتُنزع الأَْمَانَةُ من قُلُوب النَّاس، فَيَكْثُر
الْخِدَاع وَالْغِشُّ وَالْكَذِبُ في مُعَامَلاَتِهِم.
وقَوْلُه: «وَالْتُمِسَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآْخِرَة؛ وَتُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ» هذا كما في قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ﴾ [هود: 15]؛ يعني: يَطْلُب الدُّنْيَا بِعَمَل الآْخِرَة، ويتعلَّم الْعِلْم الشَّرْعِيَّ لأَِجْل الْوَظِيفَة وَحَمْل الشَّهَادَة لا رَغْبةً في الْعِلْم، ويكون النَّظَر دائمًا لِلْمُسْتَقْبَل الدُّنْيَوِيِّ لا الأُخْرَوِيِّ. وهذا وَاضِحٌ من عَمَل بَعْض النَّاس الْيَوْم حيث يَطْلُبُون الدُّنيا في أُمُور الآْخِرَة إلاَّ من رَحِم الله، فَالْوَاجِب على الْمُسْلِم أن يُخلِص عَمَلَه لِلَّه سبحانه وتعالى، وهذه الأَْحْوَالُ هي التي تكثُر فيها الْبِدَع وَالْمُنْكَرَاتُ، لأنَّ كلَّ وَاحِدٍ مُنهمِكٌ في دُنياه!
الصفحة 4 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد