×
شرح أصول الإيمان

ولهُمَا عن عَائِشَةَ رضي الله عنها مرفوعًا: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ» ([1]).

****

وَالْقِسْم الثَّالِثِ: الأَرْض الْجَدْبَاء التي لا تُمسِك مَاءً ولا تُنبت كَلَأً، وهذه مَثَلُها كَمَثَل الذين لا يَحْفَظُون ولا يتفقَّهون، وهذا الْقِسْمُ هو شرُّ الأَْقْسَام، الذي لا يُستفاد منه بِشَيْءٍ كالأرض السَّبِخةِ التي لا تَنْتَفِع بِالْمَاء ولا تُمسِكُه لِيَنْتَفِع به النَّاسُ، وكذا هذا النَّوْع الثَّالِثُ من النَّاس الذين ليس لهم قُلُوبٌ حَافِظَةٌ ولا أَفْهَامٌ واعيةٌ، فإذا سَمِعُوا الْعِلْم لا يَنْتَفِعُون به ولا يَحْفَظُونَه فلا هم نَفَعُوا أَنْفُسَهُم ولا غَيْرَهُم.

وفي هذا الْحَدِيث أنواعٌ من الْعِلْم منها ضربُ الأَْمْثَال، وَفَضْلُ الْعِلْم وَالتَّعْلِيمِ، وشدَّةُ الحثِّ عليه وذمُّ الإِْعْرَاض عنه.

هذا الْحَدِيثُ سَبَق ذِكْرُه في مَسْأَلَة الْمُتَشَابِه من الْقُرْآن، وَذَكَرْنَا أنَّ الْمُتَشَابِه هو الذي لا يتَّضح مَعْنَاه بِنَفْسِه، وإنَّما بِإِرْجَاعِه إلى غَيْرِه من النُّصُوص، وهذا لا يُستَدَلُّ به مُنفردًا بل يُرجَع فيه إلى المُحكم فيُرَدُّ إلَيْه ليُفسِّره، فالرَّاسخون في الْعِلْم يَجْمَعُون بين النُّصُوص فيردُّون الْمُتَشَابِه إلى المُحكَم، وأمَّا أَهْل الزَّيغ فَيَأْخُذُون الْمُتَشَابِه وَيَتْرُكُون المُحكَم.

وَلِهَذَا قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَه مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ»، وَالْمُرَاد من ذلك قَوْلُه تعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ [آل عمران: 7]؛ يعني: تَفْسِيرُه بِمُفْرَدِه، وهو لا يُفسَّر إلاَّ بردِّه إلى المُحكَم، ولا يُفسَّر بِالرَّأْي، هذا إذا أُريد بِالتَّأْوِيل: التَّفْسِير، وأمَّا إذا أُريد بِالتَّأْوِيل ما تئُول إلَيْه هذه الأَْخْبَارُ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4273)، ومسلم رقم (2665).