الْمُسَافِرِين وَيَطْرُد الظُّلمةَ عن النَّاس،
وأمَّا الْكَوْكَب فإنَّه يُضيء لِنَفْسِه فَعَمَلُه قَاصِرٌ على نَفْسِه، وكذلك
الْعَابِد الذي نَفْعُ عِبَادَتِه قاصرٌ عليه، بِخِلاَف العالمِ الذي نَفْعُه يكون
له ولغيرِه ولهذا شُبِّه بِالْقَمَر، وهذا وَجْه الْمُشَابَهَة في تَمْثِيل
الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لِلْعَالِم بِالْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر التي هي
لَيْلَة التَّمَام على الْكَوْكَب الذي إنَّما ضوءُه حَولَه فَقَط ولا يتعدَّاه.
وقَوْلُه: «وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ» هذا شرفٌ لهم؛ لأنَّ
الْعُلَمَاء وَرِثُوا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَالرَّسُول صلى الله عليه
وسلم لم يُورِّث الدُّنيا ولا الأَْمْوَالَ، لأنَّ هذا عَرَضٌ فانٍ وَزَائِلٌ،
وإنَّما ورَّث الأَْنْبِيَاءُ «العِلْمَ»
الذي يَبْقَى وَيَدُوم، ويدُلُّ على الجنَّة وعلى السَّعَادَة، وهذا هو الْمِيرَاث
الصَّحِيحُ، فَالْعَالِم وَإِن كان فقيرًا فهو عِنْدَه خيرٌ كَثِيرٌ أَفْضَلُ من
التَّاجِر الذي يَمْلِك المِلِيارَات وليس عِنْدَه عِلْمٌ، ولا مُقَارَنَة
بَيْنَهُمَا، لأنَّ التَّاجِر الذي عِنْدَه الأَْمْوَال سيتركها أو رُبَّمَا
تَتْلَف ثم إنَّه سيُحاسب عليها يوم الْقِيَامَة، وأمَّا الْعَالِم وَإِن لم يَكُن
عِنْدَه شَيْءٌ من مَتَاع الدُّنيا الزَّائِلِ إلاَّ أنَّه عِنْدَه خَيْر الدُّنيا
وَالآْخِرَة وهو الْعِلْم الذي نَفَعَه وَنَفَع غَيْرَه.
وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يَكُن يدَّخر شيئًا من الدُّنيا لِنَفْسِه، وإنَّما كان يَعِيش عِيشَةَ الْفُقَرَاء، وربَّما يربِط الْحَجَر على بَطْنِه من الْجُوع وإذا جَاء شَيْءٌ من الأَْمْوَال أَنْفَقَه في سَبِيل الله، وقد مَات صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُه مَرْهُونَةٌ عند يهوديٍّ بِثَلاَثِين صاعًا من شَعِير أَخَذَهَا رزقًا لعيالِه ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2759).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد