×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 كَمَا رَوَى فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِثَلاَثِ رُكُوعَاتٍ، وَبِأَرْبَعِ رُكُوعَاتٍ، كَمَا رَوَى أَنَّهُ صَلَّى بِرُكُوعَيْنِ ([1]).

وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إلاَّ بِرُكُوعَيْنِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَالأَْحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا الثَّلاَثُ وَالأَْرْبَعُ فِيهَا أَنَّهُ صَلاَّهَا يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِي يَوْمَيْ كُسُوفٍ وَلاَ كَانَ لَهُ إبْرَاهِيمَانِ. وَمَنْ نَقَلَ أَنَّهُ مَاتَ عَاشِرَ الشَّهْرِ فَقَدْ كَذَبَ.

وَكَذَلِكَ رَوَى مُسْلِمٌ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ» ([2]).

وَنَازَعَهُ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ؛ كَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فَبَيَّنُوا أَنَّ هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلاَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْحُجَّةُ مَعَ هَؤُلاَءِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ أَنَّ اللَّهَ تعالى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَأَنَّ آخِرَ مَا خَلَقَهُ هُوَ آدَمُ، وَكَانَ خَلْقُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خَلَقَ ذَلِكَ فِي الأَْيَّامِ السَّبْعَةِ، وَقَدْ رُوِيَ إسْنَادٌ أَصَحُّ مِنْ هَذَا أَنَّ أَوَّلَ الْخَلْقِ كَانَ يَوْمَ الأَْحَدِ ([3]).

وَكَذَلِكَ رَوَى: «أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا أَسْلَمَ طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ، وَأَنْ يَتَّخِذَ مُعَاوِيَةَ كَاتِبًا» ([4]). وَغَلَّطَهُ فِي ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ.

****

الشرح

قوله: «كَمَا رَوَى فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِثَلاَثِ ركوعات وَبِأَرْبَعِ ركوعات، كَمَا رَوَى أَنَّهُ صَلَّى بِرُكُوعَيْنِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إلاَّ بِرُكُوعَيْنِ». أحاديث صلاة الكسوف عند


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (901).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2789).

([3])  أخرجه: المقدسي في المختارة رقم (321).

([4])  أخرجه: مسلم رقم (2501).