×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فَمَنْ جَاهَدَ الْعَدُوَّ فَغَنِمَ غَنِيمَةً فَأَنْفَقَهَا فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فَهَذَا الْمَالُ وَإِنْ نَالَهُ بِسَبَبِ عَمَلٍ صَالِحٍ فَإِذَا أَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ كَانَ وَبَالاً عَلَيْهِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ سَبَبُ الْخَوَارِقِ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَهِيَ تَدْعُو إلَى كُفْرٍ آخَرَ وَفُسُوقٍ وَعِصْيَانٍ. وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ هَؤُلاَءِ مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَمُوتُونَ عَلَى غَيْرِ الإِْسْلاَمِ. وَلِبَسْطِ هَذِهِ الأُْمُورِ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضَلاَلِ الْمُشْرِكِينَ مَا يَرَوْنَهُ أَوْ يَسْمَعُونَهُ عِنْدَ الأَْوْثَانِ كَإِخْبَارِ عَنْ غَائِبٍ أَوْ أَمْرٍ يَتَضَمَّنُ قَضَاءَ حَاجَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِذَا شَاهَدَ أَحَدُهُمْ الْقَبْرَ انْشَقَّ وَخَرَجَ مِنْهُ شَيْخٌ بَهِيٌّ عَانَقَهُ أَوْ كَلَّمَهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ الْمَقْبُورُ أَوْ الشَّيْخُ الْمَقْبُورُ وَالْقَبْرُ لَمْ يَنْشَقَّ؛ وَإِنَّمَا الشَّيْطَانُ مَثَّلَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا يُمَثِّلُ لأَِحَدِهِمْ أَنَّ الْحَائِطَ انْشَقَّ وَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ صُورَةُ إنْسَانٍ وَيَكُونُ هُوَ الشَّيْطَانُ تَمَثَّلَ لَهُ فِي صُورَةِ إنْسَانٍ وَأَرَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْحَائِطِ. وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يَقُولُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي رَآهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْقَبْرِ: نَحْنُ لاَ نَبْقَى فِي قُبُورِنَا بَلْ مِنْ حِينِ يُقْبَرُ أَحَدُنَا يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ وَيَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى ذَلِكَ الْمَيِّتَ فِي الْجِنَازَةِ يَمْشِي وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ إلَى أَنْوَاعٍ أُخْرَى مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهَا. وَأَهْلُ الضَّلاَلِ إمَّا أَنْ يُكَذِّبُوا بِهَا وَإِمَّا أَنْ يَظُنُّوهَا مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ نَفْسُ النَّبِيِّ أَوْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَوْ مَلَكٌ عَلَى صُورَتِهِ وَرُبَّمَا قَالُوا هَذِهِ رُوحَانِيَّتُهُ أَوْ رَقِيقَتُهُ أَوْ سِرُّهُ أَوْ مِثَالُهُ أَوْ رُوحُهُ تَجَسَّدَتْ حَتَّى قَدْ يَكُونُ مَنْ يَرَى ذَلِكَ الشَّخْصَ فِي مَكَانَيْنِ فَيَظُنُّ أَنَّ الْجِسْمَ الْوَاحِدَ يَكُونُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي مَكَانَيْنِ وَلاَ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حِينَ تَصَوَّرَ بِصُورَتِهِ: لَيْسَ هُوَ ذَلِكَ الإِْنْسِيَّ.

**********


الشرح