وَكَذَلِكَ دُعَاءُ
الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ حَسَنٌ مَأْمُورٌ بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ
رَجُلٍ يَدْعُو لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاَّ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا
كُلَّمَا دَعَا لأَِخِيهِ بِدَعْوَةِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ
وَلَك بِمِثْلِهِ» ([1]). أَيْ بِمِثْلِ
مَا دَعَوْت لأَِخِيك بِهِ.
وَأَمَّا
سُؤَالُ الْمَخْلُوقِ الْمَخْلُوقَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَةَ نَفْسِهِ أَوْ يَدْعُوَ
لَهُ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ؛ بِخِلاَفِ سُؤَالِ الْعِلْمِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ
بِسُؤَالِ الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ
أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]،
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِن كُنتَ فِي
شَكّٖ مِّمَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسَۡٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ
مِن قَبۡلِكَۚ﴾ [يونس: 94]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَسَۡٔلۡ
مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ
ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ﴾ [الزخرف: 45].
وَهَذَا
لأَِنَّ الْعِلْمَ يَجِبُ بَذْلُهُ، «فَمَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ
فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّه بِلِجَامِ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([2]). وَهُوَ يَزْكُو
عَلَى التَّعْلِيمِ لاَ يَنْقُصُ بِالتَّعْلِيمِ كَمَا تَنْقُصُ الأَْمْوَالُ
بِالْبَذْلِ وَلِهَذَا يُشَبَّهُ بِالْمِصْبَاحِ.
وَكَذَلِكَ
مَنْ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ مَنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ كَالأَْمَانَاتِ مِثْلِ
الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَسْأَلَهَا مِمَّنْ هِيَ
عِنْدَهُ.
**********
الشرح
قوله: «وَكَذَلِكَ دُعَاءُ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ حَسَنٌ مَأْمُورٌ بِهِ». لأن فيه نفعًا لأخيه، والله أمر به، قال تعالى: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾ [محمد: 19]، وقال تعالى ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [الحشر: 10]، فلا يقتصر الإنسان على نفسه، بل يدعو
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2732).
الصفحة 1 / 690