وَلِهَذَا لَمْ تَجْرِ
عِبَادَةُ السَّلَفِ بِأَنْ يُهْدُوا إلَيْهِ ثَوَابَ الأَْعْمَالِ لأَِنَّ لَهُ
مِثْلَ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ بِدُونِ الإِْهْدَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ
مِنْ ثَوَابِهِمْ شَيْءٌ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الأَْبَوَانِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ
مَا يَفْعَلُهُ الْوَلَدُ يَكُونُ لِلْوَالِدِ مِثْلُ أَجْرِهِ وَإِنَّمَا
يَنْتَفِعُ الْوَالِدُ بِدُعَاءِ الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعُودُ نَفْعُهُ
إلَى الأَْبِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ
انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ
بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» ([1]).
فَالنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَطْلُبُهُ مِنْ أُمَّتِهِ مِنْ الدُّعَاءِ طَلَبُهُ
طَلَبُ أَمْرٍ وَتَرْغِيبٍ لَيْسَ بِطَلَبِ سُؤَالٍ.
فَمِنْ
ذَلِكَ أَمْرُهُ لَنَا بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فَهَذَا أَمَرَ اللَّهُ
بِهِ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: ﴿صَلُّواْ
عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
.
وَالأَْحَادِيثُ عَنْهُ فِي الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ مَعْرُوفَةٌ. وَمِنْ ذَلِكَ
أَمْرُهُ بِطَلَبِ الْوَسِيلَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ كَمَا
ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ
مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا
دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ
وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي
الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([2]).
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ سَمِعَ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1010).
الصفحة 1 / 690