وَأَمَّا دُعَاءُ
الرَّسُولِ وَطَلَبُ الْحَوَائِجِ مِنْهُ وَطَلَبُ شَفَاعَتِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ
أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَمَعْلُومٌ
أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصْدُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْقَبْرِ مَشْرُوعًا لَفَعَلَهُ
الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ بِهِ فَكَيْفَ بِدُعَائِهِ
وَسُؤَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ؟
فَدَلَّ
ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: «أَسْتَقْبِلْهُ
وَاسْتَشْفِعْ بِهِ» كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لأَِقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ
وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ
يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلاً عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ
وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ
لِي أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ
أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ
مِنْ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ لاَ يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ أَوْ
يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى
وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ
الأُْمَّةِ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الأَْوَّلِينَ مِنْ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ وَلاَ
مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا
يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلاَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ
وَيُبَلَّغُ سَلاَمَ الْبَعِيدِ.
الصفحة 1 / 690