قال: ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا
لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ﴾ [طه: 44]، ولم يقم
موسى وهارون على المنابر ويذمَّا فرعون مع عظم جرمه.
هذه الدعوة المباركة قامت في القرن الثاني عشر من الهجرة ولا تزال -ولله
الحمد- تتجدد وتستنير وتستمر؛ لأنها دعوة خالصة لله عز وجل، فهو يدعو إلى الله، ما
يدعو إلى نفسه، أو يدعو الحزب من الأحزاب أو جماعة من الجماعات أو مذهب من
المذاهب، إنما يدعو إلى الله سبحانه وتعالى.
فمن تبنَّى هذا المنهج على علم وبصيرة فإنه ينجح بإذن الله، وتستمر دعوته،
وتفيد ويستفاد منها، فهذا الإمام أول ما بدأ؛ بدأ بدعوة الأمير -ولي الأمر-، والله
جل وعلا ألقى في قلب الأمير المحبة له والقبول، فتبايعا على ذلك، تبايع الشيخ
والأمير على أن الأمير يقوم بحماية الدعوة والجهاد في سبيلها، والشيخ يقوم بالبيان
والتوضيح للدعوة؛ فهذه البيعة بين الشيخ والإمام هي التي نحن نعيش في ظلها الآن؛
لأنها دعوة وبيعة صادقة، ولهذا لما تبايعا قال الأمير للشيخ: أبشرك بالنصر
والتأييد، وقال الشيخ له: وأنا أُبشرك بالعز والنصر.
فهذه الدعوة المباركة قامت على الكتاب والسنة، وثانيًا: قامت على البيعة
بين صاحبها وبين ولي أمر المسلمين، وهذا من فقه الدعوة أن الداعية أول ما يبدأ
بمناصحة الأمير ويدعوه ويبين له؛ حتى يكون عضدًا له ومعينا له -بإذن الله-؛ لا كما
يزعم بعض الدعاة الآن أنهم يُنفِّرون من ولاة الأمور ويعادونهم، فهذه ليست بطريقة
دعوة، ولا من فقه الدعوة إلى الله عز وجل.
ومن آثار هذه الدعوة على هذه البلاد: أنها كانت متفرقة؛ كل بلد فيها أمير
يحكمها ويستقل بها، وكانوا يُغِيرُ بعضهم على بعض،