فَلا يَقبَلُ العملَ الذي فيه شِركٌ بل يرُدُّه على
صاحبِه، ولهذا قال: ﴿ لِلَّهِۚ﴾ [البقرة: 196]. بمعنى أن
تُخلِصَ النِّيةَ والقَصدَ والتَّوجهَ للهِ عز وجل بحَجِّك وعُمرَتِك، فلا تَحُج
من أجلِ الرِّياء والسُّمْعة، لا تَحُج من أجلِ طلبِ الدُّنيا ولا من أجلِ المدحِ
والثَّناء، إنَّما تحُجُّ وتَعتمِر له عز وجل قاصِدًا وجهَه مُخلِصًا العمل له،
وهذا هو الحَجُّ المقبولُ وهو ما اجتمعَ فيه هذان الشَّرطان: المُتابعة للرَّسولِ
صلى الله عليه وسلم، والإخلاص للهِ عز وجل.
ولذلك حجَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بأصحابِه حجة
الوَدَاع وبيَّنَ لهم المناسكَ بقولِه وفِعلِه، وقال: «خُذُوا عَنِّي
مَنَاسِكَكُمْ» ([1])، أي: تعلَّموا منِّي كيفَ تحُجُّون وكيف تَعتمرون، وهذا هو المطلوبُ في
كلِّ عبادة.
ولهذا قال سبحانه: ﴿ بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ
أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112]. ومعنى ﴿ أَسۡلَمَ
وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 112]. أي: أخلَصَ
نيَّتَه لله وأخلصَ عملَه للهِ من الشِّرك، ﴿ وَهُوَ مُحۡسِنٞ ﴾ [البقرة: 112]. أي: متَّبِع للرَّسول ﴿ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا
هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾. [البقرة: 112].
والآياتُ في هذا كثيرةٌ تأمُر بالإخلاصِ للهِ والمتابعةِ
للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وهذا من معنى شهادةِ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، فمن معنى شهادة أن لا
إله إلا الله: أنْ تُخلِصَ العملَ للهِ ولا تعملَ لغيرِه، ومن معنى شهادةِ أنَّ
محمدًا رسولُ الله: أنْ تَتَّبعَه وتُطيعَه وتَسيرَ على نَهجِه صلى الله عليه وسلم
وتَتَجنَّبَ البِدعَ والمُحدَثات التي ما أنزل اللهُ بها من سُلطان.
والمُسلمُ يتعلَّم هذه الأمورَ في حَجِّه وعمرتِه تعلُّمًا فِعليًّا ومُمارسة عَمَلية، وكلُّ أعمالِ الحَجِّ مبنيَّةٌ على التَّوحيدِ من أوَّلِها إلى آخِرِها.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد