×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قولُه: «حتى كفَّروا مِن حيث لا يعلمون» كفَّروا مِن حيث لا يعلمون، فالإِنْسانُ قد يقول مقالةً كُفْرِيَّةً وهو لا يدري أَنَّها كُفْرِيَّةٌ بسبب جهلِه، فهو يقول الكفرَ ويُروِّجُ الكفرَ وهو لم يعلم أَنَّه كفرٌ، بسبب أَنَّه تدخَّل في شيءٍ لا يُحْسِنُهُ، فالخطرُ عظيمٌ عليه وعلى الأُمَّة، هو لو اقتصر الخطرُ عليه كان أَخفَّ، ولكنَّ المشكلةَ أَنَّ هذا ينتشر على الأُمَّة.

قولُه: «فهلكتِ الأُمَّةُ من وجوهٍ، وكفرتْ من وجوهٍ» يعني لَبَّسُوا على الأُمَّةُ، وأَدْخلوا عليها الخَلَلَ حتى إِنَّ منهم مَن يأْخذ الأَقْوال الكُفْريَّةُ ويقول: هذه أَقْوالُ علماء، كما يقولون عن قول الجَهْمِ والمعتزلةِ، هذه أَقْوالُ علماء. حتى أَنَّهم كتبوا في الصُّحُف يقولون للعلماء: إِنَّكم أَنْتُمْ تحجرون الحقَّ لكم، وتُهْدِرُونَ أَقْوالَ الأَئِمَّة مثل: ابنِ سِيْنَا، وابنِ عَرَبِيٍّ، والجَهْمِ بنِ صَفْوَانَ، وهؤُلاءِ العلماءِ لهم قيمتُهم!!

قولُه: «وتَزَنْدَقَتْ من وجوهٍ، وضلَّتْ من وجوهٍ، وتفرَّقتْ وابتدعتْ من وجوهٍ» كلُّ هذه الآفاتُ بسبب تدخُّل الجُهَّالِ في مسائِل العلم، وقلَّةِ الخوف من الله سبحانه وتعالى، لمَّا قلَّ خوفُهم مِن الله دخلوا في هذه الأُمورِ؛ ولهذا يقول بعضُ السَّلف: «قَلَّ وَرَعُهُمْ فتكلَّموا» أَمَّا الذي يخاف اللهَ عز وجل فإِنَّه لا يدخل في شيءٍ إِلاَّ وهو يُحْسِنُهُ، لا يدخل في شيءٍ وهو لا يُحْسِنُهُ وليس مِن أَهْلِه، خصوصًا أُمورَ الدِّين.


الشرح