×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

لأَنَّه لابدَّ أَنَّ الإِنْسانَ يعرف النَّاسخَ والمنسوخَ، والمُطْلَقَ والمُقيَّدَ، والخاصَّ والعامَ، يعرف علومَ الاستدلال، لا يستدلُّ بأَيِّ نصٍّ وَجَدَهُ دون أَنْ يرى هل هو منسوخٌ، أَوْ أَنَّه مخصَّصٌ، أَوْ مقيَّدٌ، لا ينظرون إِلى هذا؛ لأَجْل الزَّيْغ، ولأَجْل إِضْلال النَّاس ويقولون: نحن نستدلُّ بالقُرْآنِ. وهُمْ ما استدلُّوا بالقُرْآنِ، القُرْآنُ يستدلُّ به مَن أَخَذَهُ جميعًا، أَمَّا مَن أَخَذَ بعضَه وتركَ البعضَ الآخرَ فهذا كافرٌ به، قال تعالى: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ [البقرة: 85]، فالذي لا يجمع بين المُحْكَمِ والمتشابهِ هذا يأْخذ ببعضِ الكتابِ ويترك بعضَه؛ ولذلك قال: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ قالوا: ﴿كُلّٞ ؟ يعني: المُحْكَمَ والمتشابهَ ﴿كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7]، فيردُّون المتشابهَ إِلى المُحْكمِ فيفسرِه ويوضِّحه، لكنَّ هذا يحتاج إِلى عالمٍ، لا يجوز أَنْ يدخل فيه متعالمٌ، أَوْ زائِغٌ يريد التَّضْليلَ، فلا يأْخذ بالمتشابه إِلاَّ أَحدُ رَجُلَيْنِ:

إِمَّا زَائِغٌ يريد التَّضْليلَ، مثل الجهميَّة، ولهذا قال فيهم الإِمامُ أَحْمَدُ: «يستدلُّون بالمتشابهِ من القُرْآنِ».

وإِمَّا متعالمٌ لا يدري، ويقول على الله بغيرِ علمٍ.

قولُه: «واحْتَجُّوا بالمتشابه»، ولذلك رَدَّ عليهم الإِمامُ أَحْمَدُ في كتابه «الرَّدُّ على الجهميَّة» جاءَ على النُّصوصِ التي استدلُّوا بها وأَبْطَلَ رَأْيَهم فيها، وبيَّن الوجهَ الصَّحيحَ فيها، وجمع بين الآياتِ وبين الأَحاديثِ.


الشرح