×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

وفي الآيةِ الأخرى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 92].

لا يتوحَّدون إلا على عِبادة رَبٍّ واحدٍ، وهو اللهُ سبحانه وتعالى، لأنه هو الرَّبُّ الحَقّ، وغَيره باطلٌ: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ [الحج: 62].

فهذا هو مَجال توحيدِ المُسلمين إن كانوا صَادقين، فليُصحِّحوا العقيدةَ، ويَنفوا عنها الزَّيْغ والدَّخِيل، لتكونَ كما جاءَ بها مُحمد صلى الله عليه وسلم، لأجلِ أن المُسلمين يتَّحدون عَليها.

وهذا هو الذِي أرادَه السَّلَف كالبَرْبَهَارِيِّ وغَيره من تأليفِ هذه الرَّسَائل، وهذه الكُتب في بَيان العقيدةِ الصَّحيحة.

لما حَدثت الفِتَن والافتراقَات والضَّلالات؛ كتَبوا هذه العقائدَ يَشْرحون بها السُّنة التِي كانَ عليها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه والقرونُ المُفضَّلة، التِي مَن لَزِمَها نَجَا، ومن حَادَ عنها هَلَكَ، التي قالَ فيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا» ([1])، ويقولُ اللهُ جل وعلا: ﴿ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3] هذا هو مَناط اجتماعِ الكَلِمة وتَوحيد الكَلمة.

أما أن يُقال: نَجتمع على ما اتَّفقنا عليه، ويعذرُ بَعضنا بعضًا فيما اختلَفنا فيه: فهذا من المُحال إذا كانَ الاختلافُ في العَقيدة، أما لو كَان الاختلافُ في الفِقه والمَسائل الفقهيَّة المُحتملة فهذا ربما يَسُوغ،


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142)، والحاكم رقم (331).