قوله: ﴿وَقَالُواْ مَا
هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا﴾ يعني: ليس هناك بعث، إنما هي الحياة الدنيا فقط.
﴿نَمُوتُ وَنَحۡيَا﴾ ناس يولدون وناس
يموتون، ويقولون: هذه سُنة الحياة وسُنة الكون، وليس هناك بَعْث ولا نشور.
﴿وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ﴾ هذا وجه الاستدلال،
أنهم أسندوا الإهلاك إلى الدهر، وهل الدهر هو الذي يُهلِك أو يحيي؟ زعموا أن
الإنسان يعيش ويَهْرَم ويشيب ثم يموت، وسبب موته هو الهرم، وليس سببه انتهاء أجله
الذي كتبه الله له.
﴿وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ
عِلۡمٍۖ﴾ وما لهم بذلك من برهان ولا لدليل على مقالتهم هذه، إلا
أنهم استصعبوا ذلك بعقولهم القاصرة، ونَسُوا قدرة الله سبحانه وتعالى، وهم يقيسون
قدرة الخالق على قدرة المخلوق، فإذا كان هذا محالاً في قدرة المخلوقين، فإنه ليس
محالاً في قدرة الخالق سبحانه وتعالى، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
قال عز وجل: ﴿إِنۡ هُمۡ
إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ والظن لا يُبنى عليه عقيدة، ولا يُبنى عليه إيمان ﴿وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا
يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡٔٗا﴾ [النجم: 28]، لا يُبنى الدين والعقيدة إلا على دليل
يقيني، فما هو الدليل على نفي البعث؟ ليس عندهم دليل، بل الأدلة كثيرة جدًّا تدل
على وجود الله عز وجل.
وهذا يدل على أن كل مَن ادعى دعوة نفيًا أو إثباتًا، فعليه أن يقيم الدليل
على دعواه، وإلا فإنه كاذب.
فهذه الآية تنكر على الذين ينكرون البعث وينسبون الهلاك إلى الدهر.