وكذلك لا يقال لأحد من المخلوقين: «مَلِك
الأملاك»؛ لأن المُلْك المطلق لله عز وجل، وهو المُلْك الدائم الشامل. أما
مُلْك المخلوق فهو مُلْك جزئي ومؤقت.
فالشيخ رحمه الله ترجم بـ «قاضي
القضاة»؛ لأنها كلمة تَدخل في «مَلِك
الأملاك»، فإذا نُهِي عن إحداهما شَمِل النهي الأخرى؛ لأن كلًّا من اللفظتين
فيهما التعظيم الزائد عن حق المخلوق.
وكذلك مِلْك المخلوق منحة وعارية من الله سبحانه وتعالى، لم يَملك هذا
المَلِك بحوله ولا قوته، وإنما الله هو الذي مَلَّكه، قال عز وجل: ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ
تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ
مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ
شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران: 26].
هو سبحانه الذي يعطي المُلْك مَن يشاء، وينزعه ممن يشاء. أما مُلْك الله عز
وجل فإنه مُلْك حقيقي عام دائم.
ثم ساق المصنف رحمه الله حديث أبي هريرة، الذي في صحيح مسلم، وفيه: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ
أَخْنَعَ...»، وفَسَّرها بقوله في آخر الباب: «أَخْنَعَ: يعني أوضع»، فإذا أُطْلِق على المخلوق «مَلِك الأملاك» فإنه يكون بهذه الكلمة
وضيعًا عند الله سبحانه وتعالى، وإن كان مقصود صاحبها الرفعة والعلو، فإن الله
يجازيه بنقيض قصده، ويجعله وضيعًا.