﴿لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ
شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾، فهم يلومون الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه خرج بهم
وهم لا يريدون الخروج؛ لأنهم كانوا يريدون أن يقاتلوا في المدينة ولا يخرجون منها.
قيل: إن الذي قال هذه المقالة هو عبد الله بن أُبَي رأس المنافقين.
وقيل: هو مُعَتِّب بن قُشَيْر. وهو الذي عليه أكثر المفسرين.
وسواء مُعَتِّب بن قُشَيْر أو ابن أُبَي، المهم أنها مقالة المنافقين. لكن
الذي يشكل عليه أن ابن أُبَي الخبيث ما خرج في أُحُد، بل رجع من الطريق. ومُعَتِّب
خرج معهم وشَهِد أُحُدًا. فالظاهر - والله أعلم - أن هذا من قول مُعَتِّب.
قال: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا
مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾ فجَعَل قتلهم بسبب
أنهم لم يُستشاروا.
وهل هذا صحيح أن الموت والقتل يرجع إلى تصرفات الناس؟
هذا ليس صحيحًا، الموت بيد الله والقتل بيد الله؛ ولذلك رد الله عليهم بقوله:
﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي
بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ
مَضَاجِعِهِمۡۖ﴾ [آل عمران: 154] فبقاؤكم في المدينة وفي بيوتكم لا
ينجيكم من الموت، إذا قَدَّر الله عليكم الموت خرجتم من بيوتكم، والموت يأتيكم حتى
في بيوتكم لو ما خرجتم، قال عز وجل: ﴿أَيۡنَمَا
تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾ [النساء: 78].
فحصول القتل والموت ليس بسبب تصرفات الآدميين، وإنما هو بقضاء الله وقدره
سبحانه وتعالى، لكن هؤلاء لا يؤمنون بالقدر.