«مَن ذا الذي يتألى عليَّ؟!» هذا استفهام إنكار، فيه إثبات صفة الكلام لله عز وجل، وأنه سبحانه
وتعالى يتكلم بكلام يُسْمَع، قديم النوع حادث الآحاد.
وقوله: «يَتَأَلَّى
عَلَيَّ» يعني: يحلف عليَّ، «الأَلِيَّة»:
هي الحلف، قال عز وجل: ﴿لِّلَّذِينَ
يُؤۡلُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ﴾ [البقرة: 226] يعني: يحلفون.
فهذا الرجل حلف على الله أن لا يَغفر لفلان!! مع أن الله وَعَد بالمغفرة
والتوبة لأهل الإيمان، وإن كان عندهم ما عندهم من الذنوب دون الشرك، فلا أحد
يَحْجُر على الله ويمنع فضل الله على عباده، كأن تقول: والله لا يَرزق الله
فلانًا! والله لا يَغفر الله لفلان... إلى غير ذلك من الأمور التي فيها حجر على
الله أن يتفضل على عباده. هذا سوء ظن بالله، وفيه إعجاب بالنفس أيضًا.
قال الله سبحانه وتعالى: «إِنِّي قَدْ
غَفَرْتُ لَهُ» هذا مقتضى فضله سبحانه وتعالى، أنه يغفر الذنوب وإن كانت
كبائر، ما دامت دون الشرك، «وَأَحْبَطْتُ
عَمَلَكَ» هذه الكلمة التي قالها هذا العابد وأساء الظن بالله - كان نتيجتها
أن غضب الله عليه وأحبطت عمله.
فالله غفر للمسيء؛ لأنه قال حين أكثر الرجل عليه: «خَلِّنِي وَرَبِّي»، فلم يَقنط من رحمة الله، فكان الله عند حسن ظنه
وغفر له.
فدل هذا الحديث على خطر اللسان، وأن كلمة واحدة من غضب الله قد تحبط عمل
الإنسان كله.
فيجب على العبد أن يحفظ لسانه من الكلام السيئ، وليعلم أن إنكار المنكر لا
يكون بتقنيط الناس من رحمة الله وتعنيفهم. بل يكون