×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

تعالى: ﴿فَ‍َٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُو [الروم: 38 ] ([1])  وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ٢ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ٢٥ [المعارج: 24، 25]، ففي هذه الآيات الكريمة وما شابهها إشارة إلى أن الزكاة يحصل بها استفادة للدافع والآخذ، وبالتالي فيها بناء للمجتمع الإسلامي.

والركن الرابع من أركان الإسلام هو: الصيام فيه منافع وفوائد عظيمة؛ منها تقديم طاعة الله على طاعة النفس والهوى؛ إذ الصائم يمتثل أمر ربه بترك شهوات نفسه، حيث ترك أعز شيء تطلبه نفسه وهو الطعام والشراب والتمتع بزوجته؛ لما علم أن في ذلك رضا ربه.

والصائم أيضًا يتربى بالصيام على الصبر والجلد والتحمل؛ إذ يصبر على مس الجوع ولفح العطش؛ ولهذا سُمِّيَ شهر رمضان شهر الصبر، ولا شك أن مقام الصبر مقام عظيم في الإسلام قد جاءت آيات كثيرة في كتاب الله تنوه بشأنه وتثني على أهله، وهو يحصل بالصيام.

وفي الصيام أيضًا تهذيب للنفس وكف للإنسان عن أذى الآخرين بقول أو فعل؛ فإن الصائم منهي عن أن يتناول الآخرين بما يسيء إليهم من غيبة أو نميمة أو شتم، حتى ولو تطاول عليه أحد بالكلام فإنه لا ينبغي له أن يرد عليه بالمثل؛ ففي الحديث: «فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» ([2]) وفي الصيام أيضًا تذكير بنعمة الله على الصائم بما يسر له من الطعام والشراب، حيث يدرك مشقة الابتعاد عن تناولهما عند الحاجة إليهما وشدة حاجته إليهما لبقاء حياته.


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1795)، ومسلم رقم (1151).