الخمس التي حصلت
فرضيتها ليلة المعراج فلا يحافظون عليها في أوقاتها مع الجماعة، بل يتهاونون
بالصلاة أو لا يصلون أصلاً؛ لأن الشيطان زين لهم البدعة وكره إليهم العبادة
المشروعة، بل نراهم لا يهتمون بأمر دينهم عامةَ؛ لأن الدين في عرفهم ما أحدثوا من
البدع والخرافات.
عباد الله: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من البدع فكان يقول في خطبه: «أمَّا بَعد فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأُْمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ([1])، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2]) وكان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يحذرون من البدع غاية التحذير. فقد بلغ ابن مسعود رضي الله عنه أن عمرو بن عتبة في أصحاب له بنوا مسجدًا بظهر الكوفة فأمر عبد الله بذلك المسجد فهدم، ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحًا معلومًا ويهللون ويكبرون، قال: فلبس برنسًا ثم انطلق فجلس إليهم فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علمًا، أو لقد جئتم بدعة ظلمًا! قال: فقال عمرو بن عتبة: نستغفر الله. ثلاث مرات. ثم قال رجل من بني تميم: والله ما فضلنا أصحاب محمد علمًا، ولا جئنا ببدعة ظلمًا، ولكنا قوم نذكر ربنا، فقال: بلى، والذي نفس ابن مسعود بيده لئن أخذتم آثار القوم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن «حرتم» ([3]) حدتم يمينًا وشمالاً لتضلن ضلالاً بعيدًا.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.