×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ» ([1]) والله سبحانه فرض الفرائض وعلم من عباده أنهم سيقصرون في إتمامها وإكمالها فشرع لهم النوافل لجبر هذا التقصير رحمة بهم، وشرع نوافل من جنس الواجبات فجعل من الصلاة ما هو واجبٌ وما هو تطوع، وجعل من الصدقات ما هو واجبٌ وما هو تطوعٌ، وجعل من الصيام ما هو واجبٌ وما هو تطوع، ومن الحج ما هو واجبٌ وما هو تطوعٌ. ولا تكاد تجد واجبًا إلا وبجانبه تطوعٌ من جنسه. ثم لو فرضنا أنك وفيت الفرائض حقها؛ فأنت مأمور بالاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم فقد كان يقوم من الليل على الدوام ولا سيما في هذه العشر، وقد قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لرجل: لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض، أو قالت كسل، صلى قاعدًا. وفي رواية عنها قالت: بلغني عن قوم يقولون: إن أدينا الفرائض لم نبال ألاَّ نزداد، ولعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم، ولكنهم قوم يخطئون بالليل والنهار، وما أنتم إلا من نبيكم وما نبيكم إلا منكم، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل. تشير رضي الله عنها إلى أنه ينبغي للمسلم الاقتداء بنبيه فلا يدع قيام الليل.

أيها المسلمون: ومن خصائص هذه العشر أنها يرجى فيها مصادفة ليلة القدر التي قال الله فيها:﴿لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ [القدر: 3]. قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها. وألف شهر يا عباد الله ثلاثة وثمانون عامًا وأربعة أشهر. فالعمل في هذه الليلة لمن وفقه الله خير من العمل في ثلاثة وثمانين عامًا وأربعة أشهر. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَامَ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (413)، والنسائي رقم (465)، وابن ماجه رقم (1425).