إلى بيوتهم، إلى أن
حان اليوم الذي أشرقت به طلعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ففرحوا به فرحًا
شديدًا، واجتمعوا إليه يحيطون به متقلدي السيوف، كل واحد منهم يأخذ بزمام ناقة
الرسول صلى الله عليه وسلم يريد منهُ أن ينزل عنده.
وهكذا جاء الفرج
وحان النصر ووجد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون معه إخوانًا لهم من الأنصار ﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو
ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا
يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ
أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
ولما وجد النبي صلى الله عليه وسلم الدار والمنعة والأنصار، شرع الله له جهاد الكفار الذين يصدون عن سبيل الله، فأظهره الله عليهم، وأيده بنصره وبالمؤمنين، فما هي إلا أعوام قليلة حتى عاد إلى مكة التي أخرج منها، فدخلها فاتحًا معززًا منصورًا، تحيط به جيوش التوحيد وكتائب الإسلام، فدخلها من أعلاها مكبرًا مهللاً، خاضعًا لربه، شاكرًا لنعمته، وطاف بالبيت، ودخل «مكة» ([1]) الكعبة المشرفة، وحطم ما حولها وما عليها من الأصنام، وقال لقريش التي أخرجته بالأمس: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَرُونَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: «فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ مَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ: ﴿لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ﴾ [يوسف: 92]. اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» ([2]). ثم أرسل إلى اللات والعُزى ومناة وغيرها من الأصنام من يهدمها.
([1]) استبدال من طبعة دار المعارف.