×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 وطلب الحاجات وتفريج الكربات منه، وإنشاد الأشعار الشركية بمدحه، وكذا يحصل في هذه الاحتفالات اختلاط النساء بالرجال مما يغري بفعل الفواحش. مع ما ينفق في هذه الاحتفالات من أموال باهظة من أناسٍ ربما لا يؤدون الزكاة التي هي ركنٌ من أركان الإسلام. ومن العجيب أن هؤلاء الذين يحتفلون بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم هم في الغالب لا يعملون بسنته ولا يحكمون بشريعته، بل ربما لا يصلون الصلوات الخمس التي هي عمود الإسلام.

عباد الله: إن الله سبحانه لم ينوه في القرآن بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما نوه ببعثته، فقال: ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ [آل عمران: 164]. «وقال: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ[الجمعة: 2]. لأن» ([1]) فبعثته « صلى الله عليه وسلم » ([2]) هي التي تحققت بها المنة الربانية، ومنذ بعثته إلى وفاته وكل لحظة من حياته الطيبة نعمةٌ على البشرية، فكل حياته بعد البعثة عبادةٌ وجهادٌ ونفعٌ للمسلمين، لا يختص ذلك بيومٍ معينٍ من حياته، فيجب على المسلمين الاقتداء به، والعمل بشرعه، في جميع الأيام والساعات، لا في يومٍ معينٍ، ولا في شهرٍ معينٍ.

وإذا كان قصد هؤلاء المحتفلين بيوم ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، إحياء ذكره، والتنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم، وتذكر سيرته، كما يقولون، فهذا مشروعٌ للمسلم في كل وقتٍ، حسبما شرعه الله، فالله قد رفع لنبيه ذكره في المناسبات تتكرر في اليوم والليلة، كالأذان والإقامة والخطب، فإذا ذكر


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  زيادة من طبعة دار المعارف.