« الآفة
الأولى: فهو» ([1])، إما أن يصاب
بالفقر الذي ينسيه العمل، لأن الفقر يجلب الغم والهم، الذي يشغل النفس ويكدر
البال، فينشأ عن ذلك نسيان العمل.
« الآفة الثانية: » ([2])، وإما أن يصاب بغنى
وفيض من المال، يحمله على الطغيان، فيشغله بتحصيل ملذاته، ويتلهى به في جميع
أوقاته، بحيث لا يبقى عنده وقت للعمل للآخرة، أو يرى أنه ليس بحاجةٍ إلى العبادة ﴿كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ
لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ ٧﴾ [العلق: 6، 7].
وهذه هي آفة كثير من
الناس في عالمنا المعاصر، فإن الله أفاض عليهم الأموال، وأدر عليهم النعم،
فاستكبروا عن طاعة الله -إلا من قل- وأترفوا في أنفسهم، وصار همهم تزويق المساكن،
وتفخيم المراكب، وتنويع المآكل والمشارب، وإعطاء النفس مشتهياتها ولو من الحرام،
وأعرضوا عن الطاعة، فهجروا المساجد، وثقلت عليهم العبادة، وقل خوف الله في قلوبهم،
وصاروا عبيدًا للدنيا والشهوات، وغرتهم الدنيا بزهرتها، قد هان عليهم دينهم، وضعف
بالآخرة يقينهم. هذا ما يحصل من جراء الغنى والفقر.
والآفة الثالثة: أن يصاب الإنسان بمرض مفسدٍ، يفسد عليه عقله أو بدنه، فإن فسد عقله لم يبق عنده شعورٌ بالعبادة، وإن فسد بدنه لم يبق عنده استطاعة للقيام بها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» ([3])،، فاغتنم أيها المسلم صحتك قبل مرضك.
([1]) سقط من طبعة دار المعارف.