وهذا نبي الله يوسف
بن يعقوب عليهما السلام حينما منَّ الله عليه بالملك والعلم وجمع له الشمل بوالديه
وإخواته، رأى أنها قد تمت عليه النعمة فشكر لربه وسأله حسن الخاتمة وقال: ﴿رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي
مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ
تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ﴾ [يوسف: 101].
وهذ خاتم النبيين
وسيد المرسلين نبينا محمد، قام على قدميه في الصلاة حتى تفطّرتا من طول القيام،
فقالت له أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، لم تفعل هذا وقد غفر
الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ، أَفَلاَ أَكُونُ
عَبْدًا شَكُورًا؟» ([1])،.
عباد الله: هؤلاء هم القدوة
الأخيار، فاقتدوا بهم، واشكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وأعمالكم، فإنه
لا يكفي أن تتلفظ بالحمد والشكر بلسانك، وقلبك غافل معرض، أو جاحد مستكبر، وأفعالك
بخلاف ما يرضي الله، فالشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، فالقلب للمعرفة
والمحبة، واللسان للثناء والحمد، والجوارح لاستعمالها في طاعة المشكور، وكفها عن
معاصيه.
عباد الله: لقد قصَّ الله
علينا في القرآن الكريم ما حل بالأمم التي كفرت بأنعُمِ الله، من قصم الأعمار،
وخراب الديار، ما تقشعر منه الجلود.
من ذلك: ما قصَّه عن بني إسرائيل في مواضع من كتابه الكريم: ﴿يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [البقرة: 47].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1078)، ومسلم رقم (2819).