فالواجب على
المتعلمين أن يرتبطوا بالعلماء الثقات المعروفين بالعلم وسلامة المعتقد، فيتلقوا
عنهم العلم والدين، حتى تتصل السلسلة والسند بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيتلقوا
عنهم العلم النافع الصافي بواسطة هؤلاء العلماء الثقات، فيكونوا على بصيرة من
دينهم، وبينة من ربهم، وصلة بنبيهم.
ومن المتعلمين من
يقتصر على مطالعة الكتب، ويزعم أنه بذلك يستغني عن العلماء، وهذا خطأ عظيم، ويترتب
عليه خطر لأن الكتب ما عدا كتاب الله وسنة رسوله فيها الخطأ والصواب، وفيها الغث
والسمين، وفي بعضها الدس والسم الزعاف، والمتعلم المبتدئ لا يميز بين الضار
والنافع، فلا بد من معلم بصير يفحص له هذه الكتب، ويضع يده على ما فيها من صواب
نافع، ومن خطأ ضار، ويشرح له عباراتها، ويبين له غامضها.
ولو كان العلم يتلقى
من الكتب لما تكلف أسلافنا الأسفار، وتعرضوا للأخطار، فسافروا المسافات الطويلة،
ليلتقوا بعلماء الأقطار النائية، ويتعلموا منهم، فهذا نبي الله وكليمه موسى عليه
السلام، لما أخبره الله أن عبدًا من عباده عنده علم اختصه به، سار موسى عليه
السلام إليه، كما قص الله علينا ذلك بقوله تعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ
مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا﴾ [الكهف: 60]. يعني سنين عديدة،
ولما لقيه ﴿قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا
عُلِّمۡتَ رُشۡدٗا﴾ [الكهف: 66].
وقد رحل أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه من المدينة إلى مصر للقاء رجل من الصحابة، ليروي عنه حديثًا واحدًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلمه.