ففي الآية الكريمة إشارة إلى أنه لا بد من تقصير
في الاستقامة المأمور بها فيجبر ذلك الاستغفار، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
أن الناس لا يستطيعون الاستقامة الكاملة، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث
ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ
تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ، وَلاَ يُحَافِظُ
عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ» ([1])، وفي رواية للإمام
أحمد: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الصَّلاَة إِلاَّ
مُؤْمِنٌ» ([2])، وفي الصحيحين عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سَدِّدُوا
وَقَارِبُوا» ([3]).
فالسداد هو حقيقة
الاستقامة الكاملة، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد، كالذي يرمي
إلى هدف فيصيبه.
والمقاربة أن يصيب
ما قرب من الهدف إذا لم يُصب الهدف نفسه، لكنه مصمم وقاصدٌ إصابة الغرض.
فالمطلوب من العبد
الاستقامة، وهي السدادُ، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن لم يحصل منه سدادٌ ولا
مقاربةٌ، فهو مُفرط مضيِّع، فالحمد لله الذي لم يُكلفنا ما لا نطيق، وشرع لنا ما
يجبر تقصيرنا ويكمل نقصنا ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ
ٱلسَّئَِّاتِ﴾ [الشورى: 25] ويضاعف الحسنات؛ فضلاً منه وتكرُمًا.
عباد الله، ما أحسن طريق الاستقامة، وما أحسن الاعتدال بين
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (277)، والدارمي رقم (655)، والحاكم رقم (447).