×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

والثاني: هجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.

والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين.

والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.

والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به.

وكل هذا داخل في قوله: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا [الفرقان: 30]، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض، وقد ورد في الحديث: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقى مِنَ الإِْسْلاَمِ إلاَّ اسْمُهُ، وَمِنَ الْقُرآنِ إلاَّ رَسْمُهُ» ([1]).

عباد الله، إنه لا بد من تلقي القرآن وتعلمه عن معلمين يجيدون قراءته، لا يكفي أن يتهجاه الإنسان من المصحف، فإن تلقي القرآن من فم الملقن أحسن وأضبط، لأن الكتابة لا تدل على الأداء، كما أن المشاهد من كثير ممن تلقاه من الكتابة فقط أنه يكثر تصحيفه وغلطه، فلا بد من معلم متقن يوقفه على ألفاظ القرآن، فيجب على من أراد أن يتعلم القرآن أو يعلمه أولاده أن يختار المقرئ المجيد، ليأخذوا القرآن عن إتقان، ويتعلموه عن جودة، فإن الاهتمام بكتاب الله من أهم المهمات.

عباد الله، ومَنْ تعلم كتاب الله فليحافظ عليه، وليكثر من تلاوته بتدبر وتفهم وخشوع وحضور قلب، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ


الشرح

([1])  أخرجه: الديلمي رقم (3448)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (1908).