بالوفاء بعهودهم إذا
استقاموا عليها، ولم ينقصوا منها شيئًا، فما بالك بالعهود مع المسلمين، ومن أعظمها
عهد الإمام، وكذلك جميع العقود الجارية بين المسلمين في المبايعات والإجارات، وفي
الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، فَيُقَالَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ»([1]).
ومن صفات المنافق: أنه «إِذَا خَاصَمَ
فَجَرَ» فلا يتورع عن أموال الخلق وحقوقهم، فيخاصم بالباطل، ليستولي على حق
غيره، ويضلل الحاكم بشهادة الزور والأيمان الكاذبة والوثائق المصطنعة، فإذا كان ذا
قدرةٍ عند الخصومة فإنه ينتصر للباطل، ويخيل للسامع أنه حق، ويخرج الحق في صورة
الباطل، وهذا من أقبح المحرمات، وأخبث خصال النفاق
عباد الله، من تجمعت فيه هذه الصفات القبيحة: الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة، والغدر في العهود، والفجور في الخصومات - لم يبق معه من الإيمان شيءٌ، وصار منافقًا خالصًا، فهي بمنزلة الأمراض الخطيرة التي متى تجمعت في جسم أفسدته، وقضت عليه، ومن كانت فيه خصلةٌ واحدةٌ منها فقد اتصف المؤمن بصفة من صفات المنافقين، فقد صار فيه إيمانٌ ونفاقٌ، فإن استمرت فيه هذه الخصلة الذميمة، فهي حَرِيّةٌ أن تقضي على ما معه من الإيمان، لأنها بمنزلة الميكروب الخبيث الذي يحل بالجسم، فإن لم يسع في علاجه وإزالته، قضى على الجسم، وإن تاب إلى الله وترك هذه الخصلة الذميمة، واتصف بضدها من صفات الإيمان، برئ من النفاق وتكامل إيمانه، وهذا شأن المسلم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5823)، ومسلم رقم (1735).